للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما التّقدير لمسيرة ثلاثة أيام ولياليها؛ لقوله عليه السلام: "يمسح المقيم يوماً وليلةً، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها" (١)، جوّز المسحَ لكلّ مسافرٍ ثلاثةَ أيامٍ بإدخال الألف واللام في المسافر؛ فكان ذلك تقديراً لأدنى مدة السفر به.

وإنما اعتبر مشيُ الأقدام وسيرُ الإبل؛ لأنّه الوسطُ المعتاد (٢). (ف) (٣)

فإنّ السيرَ في الماءِ في غاية السّرعة، وعلى العَجَلة (٤) في غاية الإبطاء فاعتبر الوسط؛ لأنه الغالب (٥)، ولأنّ أسرعَ السير سيرُ البريد (٦)، وأبطأَه سيرُ العَجَلة، وأوسطَه سيرُ القافلة، وخير الأمور أوسطها (٧).

ولم يريدوا بالسّير ليلاً ونهاراً، ولكن جُعل النّهار للسّير، والليل للاستراحة (٨). (طح) (٩).


(١) رواه مسلمٌ في صحيحه، [كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين]، (١/ ٢٣٢:برقم ٢٧٦)، وفيه: عن شريح بن هانئ، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب، فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه فقال: «جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلةً للمقيم».
يُنظر: الأصل ١/ ٢٣١، شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٢/ ٨٨، تحفة الفقهاء ١/ ١٤٨، بدائع الصنائع ١/ ٩٤، الهداية ١/ ٨٠.
(٢) يُنظر: المبسوط ١/ ٢٣٥، المحيط البرهاني ٢/ ٢٢، البناية ٢/ ٤، منحة السلوك ص ١٤٣، مراقي الفلاح ص ١٦١.
(٣) فتاوى قاضيخان ١/ ١٤٧.
(٤) العَجَلة: آلة يجرها الثور. يُنظر: الصحاح ٥/ ١٧٥٩، لسان العرب ١١/ ٤٢٩، تاج العروس ٢٩/ ٤٣٨.
(٥) يُنظر: المبسوط ١/ ٢٣٥، تحفة الفقهاء ١/ ١٤٧، بدائع الصنائع ١/ ٩٤، الهداية ١/ ٨٠، تبيين الحقائق ١/ ٢٠٩.
(٦) البريد: البغل، وهي كلمة فارسية أصلها "بريده دم" أي: محذوف الذنب؛ لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب، فعربت الكلمة وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريداً، والمسافة التي بين السكتين بريدا. يُنظر: المغرب ص ٤٠، مختار الصحاح ص ٣٢، حاشية الطحطاوي على المراقي ص ٤٢٢.
(٧) يُنظر: المبسوط ١/ ٢٣٥، المحيط البرهاني ٢/ ٢٢، البناية ٢/ ٤، حاشية الشّلبي على التبيين ١/ ٢٠٩.
(٨) يُنظر: المبسوط ١/ ٢٣٦، المحيط البرهاني ٢/ ٢٣، تبيين الحقائق ١/ ٢٠٩، فتح القدير ٢/ ٢٩.
(٩) شرح مختصر الطحاوي للأسبيجابي ص ٥٩٧، (تحقيق: محمد الغازي).

<<  <   >  >>