للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المنبر، فيخطب خطبتين، يفصل بينهما بجلسة (١).

وإن شاء خطب خطبةً واحدةً (٢)، ويدعو الله، ويتضرّع، ويستغفر للمؤمنين، وهو في ذلك متكئٌ قوساً.

فإذا مضى صدرٌ من خُطبته قلب رداءه (٣).

وتقليبه أن يجعل أعلاه أسفله، وإن كان أعلاه وأسفله واحد كالطّيلسان (٤) فتقليبها أن يحوّل يمينَه إلى شماله، وشمالَه إلى يمينه (٥)، والنّاس مقبلون عليه لا ينقلبون بأرديتهم (٦).

وأهلُ الذمّة لا يخرجون [مع المسلمين؛ لأنّ الوقت وقت نزول الرحمة، والكفار أهل نزول اللعنة


(١) أما كونه يخطب خطبتين بعد الصلاة فاعتباراً بالعيدين لا الجمعة؛ لأن صلاة العيدين تجزئ أيضا وإن لم يخطب، وكذا الاستسقاء بخلاف الجمعة، فكانت الاستسقاء أقرب إلى العيدين منها إلى الجمعة، وهذا قول محمد، وعن أبي يوسف خلافه، وأما كونها على الأرض لا على المنبر؛ فلأنه خلاف السنة كما في العيدين، وأما كونه يخطب متكئاً على عصاة أو قوس؛ فلأن خطبته تطول فيستعين بالاعتماد على عصا، وأما كونه يخطب مقبلا بوجهه إلى الناس وهم مقبلون عليه؛ لأن الإسماع والاستماع إنما يتم عند المقابلة.
يُنظر: شرح معاني الآثار ١/ ٢٣٥، تحفة الفقهاء ١/ ١٨٦، بدائع الصنائع ١/ ٢٨٢، الاختيار ١/ ٧٢، البناية ٣/ ١٥٩، حاشية ابن عابدين ٢/ ١٨٤.
(٢) هذا قول أبي يوسف؛ لأن المقصود الدعاء فلا يقطعها بالجلسة.
يُنظر: شرح معاني الآثار ١/ ٢٣٥، تحفة الفقهاء ١/ ١٨٦، بدائع الصنائع ١/ ٢٨٢، الشُّرنبلاليّة ١/ ١٤٧.
(٣) لما روى البخاري في صحيحه، [أبواب الاستسقاء، باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء]، (٢/ ٣١:رقم ١٠٢٤) عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: «خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة».
يُنظر: الأصل ١/ ٣٦٧، النتف في الفتاوى ١/ ١٠٥، الهداية ١/ ٨٧، الاختيار ١/ ٧٢، العناية ٢/ ٩٤.
(٤) الطيلسان بفتح اللام: واحد الطيالسة، وهو فارسيٌّ معرب، ثوب غليظ يغطى به الرأس والبدن، يلبس فوق الثياب. يُنظر: تهذيب اللغة ١٢/ ٢٣٤، النظم المستعذب ٢/ ٢٠٩، لسان العرب ٦/ ١٢٥.
(٥) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٢/ ١٨٦، المبسوط ٢/ ٧٧، تحفة الفقهاء ١/ ١٨٦، بدائع الصنائع ١/ ٢٨٤، العناية ٢/ ٩٤.
(٦) لأن تحويل الرداء في حق الإمام أمر ثبت بخلاف القياس بالنص؛ فيقتصر على مورد النص.
يُنظر: تحفة الفقهاء ١/ ١٨٦، بدائع الصنائع ١/ ٢٨٤، تبيين الحقائق ١/ ٢٣١، العناية ٢/ ٩٤، درر الحكام ١/ ١٤٨.

<<  <   >  >>