الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وصلى الله على خيرته المصطفى، المنتخب لرسالته، المفضل على جميع خلقه بفتح رحمته، وختم نبوته، وأعم ما أرسل به مرسل قبله، المرفوع ذكره مع ذكره في الأولى، الشافع المشفع في الأخرى، أفضل خلقه نفسا، وأجمعهم لكل خلق رضيه في دين ودنيا وخيرهم نسبا ودارا: محمد عبده ورسوله، وعلى آله محمد وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فإن الحمد لله أن أعاننا على إخراج كتاب «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي في صورة أحسب أن تكون لائقة به وبأهميته التاريخية العظيمة. ثم كانت الخطوة التالية هي إخراج الذيول التي ذيلت عليه، فقمنا بجمع شتاتها من هنا ومن هناك.
ولعل من أهم هذه الذيول هي «التاريخ المجدد لمدينة السلام وأخبار فضائلها الأعلام ومن وردها من الأعلام». لمحب الدين محمد بن محمود ابن النجار المتوفى سنة ٦٤٣ هـ.
وتأتي أهميته من أنه قد جمع بين «ذيل تاريخ بغداد» لأبي سعد عبد الكريم بن السمعاني المتوفى سنة ٥٦٢ هـ وبين «ذيل تاريخ بغداد» لأبي عبد الله محمد بن سعيد ابن الدبيثي المتوفى سنة ٦٣٧ هـ.
فقد وضع ابن النجار على عاتقه إخراج تاريخ أوسع نطاقا من سابقيه، إذ حاول التعرف على أفاضل الناس ممن اشتهروا بالتحديث والدين كان من بينهم علماء وجهاء: حفاظ وقراء وواعظ وخطباء وشيوخ وأئمة وأمراء وخلفاء وأصحاب المناصب ممن شهد لهم الخاصة والعامة بتبحرهم في العلم.