للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هجرت للعدم كل خدن … وصرت للانقباض خدنا

فلا أعزي ولا أعزى … ولا أهني ولا أهنى

وكان أملى ديوانه على الأخ فخر الدين القسام الذي هو باكورة العصر في النظم والنثر، فكتبه وجمعه ورتبه، وقصائده التي أنشأها بالشام أجزل (١) وأحسن مما أنشأه بالعراق وقدما قيل: اللهى تفتح اللهى والبقاع تغير الطباع، وديوانه ضخم الحجم، لكني اخترت منه قصائد، وإن كان الكل فرائد، ولما وصلت إلى الشام لقيته بالموصل وهو غير زيه وهو يلبس الأتراك، جليس الأملاك قريبا من صاحبها بعيدا من مذاهب النساك.

توفي بالموصل سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.

[٨٣٧ - علي بن محمد بن غليس، أبو الحسن الزاهد]

من أهل اليمن، كان رجلا من الرجال طوف البلاد ما بين الحجاز واليمن، وصحب الأولياء والصالحين، وكانت له مجاهدات ورياضيات شديدة، وقوة على الجوع والعطش والسهر، ومقاساة البراري والقفار والجبال، حتى ظهرت كراماته وأطلع الله عباده على أحواله، قدم علينا بغداد في سنة ست وتسعين وخمسمائة، ونزل على شيخنا [أبي] (٢) أحمد بن سكينة، وكانت بينهما صحبة بمكة، وكان شيخنا كثير الإعظام له، فأقام مدة، وسمع بقراءتي شيئا من الحديث على شيخنا أبي أحمد، وقد سمع الناس منه كثيرا من كلامه وحكاياته ببغداد وغيرها، وكتبوا عنه، ولم يتفق لي أن أكتب عنه شيئا.

قرأت بخط عبد الحق بن عبد العلي بن علي الأنصاري قال: أملى علي الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن غليس في المجسد الأقصى قال: قال لي شيخي علي بن عبد الرحمن الحداد: من اعتقد أنه يصل إلى الله بلا عمل فهو متمن، ومن اعتقد أنه يصل بعمله فهو متعن، اعمل وانس، فلك من لا ينسى. قال: وعلمني شيخي ابن عبد الرحمن الحداد هذا الدعاء «يا من أجله (٣) عن تسميتي وندائي، أنت العالم بضري واشتكائي، وقفت على بابك بفقر فادح، وعمل غير صالح، ولم أجد رجلا يشفع،


(١) في الأصل: «أحرل».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٣) في الأصل: «أحله».

<<  <  ج: ص:  >  >>