وعلى الكثيب مجمر من نبهه … كالبدر من حسن وليس بآفل
حجبوه بالبيض الفواصل ما دروا … من حسنه وسيوفهم كالفاصل
رشأ كان لحاظه مطرودة … قدمت بها عرضا [و] جنبه باسل
فكأن سحر بلاغة في لفظه … أخذ يعقدها نوافث نابل
عوفيتموا ومن العجائب مغرم … يدعو غراما بالشفاء لقاتل
سمعت أبا عبد الله الواسطي يقول: سألت أبا منصور بن أبي سالم عن مولده، فقال: ولدت ببغداد في يوم الاثنين ثاني عشري شوال سنة ثلاث وستين وخمسمائة بباب الأزج.
٧٦٨ - علي بن الحسن بن عنتر بن ثابت، أبو الحسن النحوي، المعروف بالشميم (١):
من أهل الحلة السيفية، كان أديبا فاضلا مبرزا في علم اللغة والنحو، وله مصنفات كثيرة في ذلك، وله إنشاد وخطب ومقامات ونظم ونثر كثير جيد، لكنه كان أحمق قليل الدين رقيعا، يستهزئ بالناس ولا يحترم أحدا، ولا يعتقد أن في الدنيا مثله وكان ولا يكون أبدا، قدم بغداد في صباه، وأقام بها مدة يقرأ الأدب على أبي محمد بن الخشاب وغيره حتى برع في ذلك، ثم إنه سافر إلى بلاد الجزيرة والشام، فورد حلب ودمشق وغيرها من البلاد ومدح الملوك، ثم إنه دخل ديار بكر، وكان يتردد ما بينها وبين الموصل وما والاها من بلاد الجزيرة، ويقرأ الناس عليه ويستفيدونمنه إلى أن علت سنه وأدركه أجله بالموصل عن تسعين سنة أو ما قاربها، ويحكى عنه حكايات عجيبة في رقاعته وقلة ديانته وفساد عقيدته نعوذ بالله من ذلك.
سمعت القاضي أبا القاسم عمر بن أحمد العقيلي بحلب يقول: سمعت محمد بن يوسف بن الخضر الحنفي يقول: كان الشميم النحوي يبقى أياما لا يأكل إلا التراب، فكل ما يلقيه من الرجيع يابسا قليل الرطوبة ليس بمنتن فيحطه في جيبه، فكل من دخل إليه يخرجه من جيبه ويشمه إياه ويقول: انظروا إلى ما ألقيه وشموا رائحته فإنني قد تجوهرت! فلذلك دعي بالشميم.