القاسم لا تسمع هذا الكلام ولا تعول عليه فتهلك، واعلم أن البخل خير من مسألة البخيل.
قال: وكنت عنده في آخر كونه ببغداد وقبل دخول الديلم إياها وبحضرته قوم يطعنون على الشهود ويعيبونهم فقال له سلامة: ما رأيت أعجب من أمركم، من فيكم يطمئن إلى أن يشترى من ابنه أو أخيه ضيعة بعشرة آلاف دينار ولا يشهد عليه العدول؟ فقالوا: ما فينا أحمد بهذه الصورة، فقال: أفتستظهرون بأنفسكم وأعقابكم في هذا القدر الكبير من المال، وما هو أكبر منه إلا بالشهادة وتعاطون بحظوظهم في جلد يساوى دانق فضة من ذلك المال العظيم حتى تأخذون الصك بدلا من المال فتجعلونه تحت رءوسكم لشدة حفظه، قالوا: نعم، قال: فمن كان هذا حكمه عندكم لم تطعنوا فيه.
قرأت في كتاب «التاريخ» لهلال بن المحسن الكاتب بخطه قال: وفي يوم السبت الرابع عشر من ذى الحجة يعنى من سنة ثمان وستين وثلاثمائة توفى أبو القاسم عمر ابن حسان القاضي الشاهد.
[١١٤٨ - عمر بن الحسن بن أحمد بن الباسيسى، أبو القاسم]
من أهل الغراف، وكان من الشهود المعدلين بها، وكان المظفر بن حماد بن أبى الخير ملك البطيخة يثق إليه ويعتمد في أشغاله عليه، وكان أديبا فاضلا، له النثر والنظم، قدم بغداد في سنة إحدى وستين وخمسمائة، روى بها شيئا من شعره.
كتب إلى أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب ونقلته من خطة قال:
أنشدنى عمر بن الحسن بن الباسيسى لنفسه ببغداد من من قصيدة:
إن داء أتى في أرض بغداد قد … أشفيت فيها لم ألق من يشفيني
فلو أنى نحو عالج أو يبرين … وافى معالج أو يبرين
وأنشدنى لنفسه في اللغز بالجلالة:
ما ذات رأسين أنثى … بغير رأس صغيره
رشيقة قد براها … الباري فجاءت قصيره
تلازم الخدر … إلا وفى وجيه للعشيره
فتنثنى بعد أسر … على الثنايا مغيرة