للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العتبة إلى أن أصبحت، وأقمت على ذلك ثلاثة أيام بلياليها وهي مقيمة على الهجر لي فأيست منها وعذلت نفسي ووبختها، ومضيت إلى الحمام وكان في داري فأمطت من جسدي الوسخ الذي قد لحقني، وخرجت فجلست لأغير ثيابي وأبتخر، وإذا بزوجتي قد خرجت إليّ وجواريها معها مع بعضهن طبق فيه أوساط وسبوسج وبزماورد وما أشبه ذلك، فحين رأيتها استطرت فرحا وقمت إليها فانكببت على يديها ورجليها فقلت: ما هذا يا ستي؟ فقالت: تعال حتى نأكل ونشرب ودع السؤال، وجلست وقدم الطبق فأكلنا جميعها، وجيء بالشراب واندفع الجواري في الغناء وقد كان عقلي يزول فرحا وسرورا، فلما توسطنا أمرنا قلت لها: يا سيدتي! إنك قد هجرتني بغير ذنب كبير أوجب مما بلغته من الهجران وترضيتك بكل ما في القدرة فما رضيت، ثم تفضلت ابتداء بالرجوع إلى وصالي بما لم تبلغه آمالي، فعرفيني ما سبب هذا؟ فقالت:

قد كان الأمر في سبب الهجر ضعيفا كما قلت، ولكن تداخلني في التجني ما تداخل المجنون ثم استمر بي اللجاج وأراني الشيطان الصواب فيما فعلته، فأقمت على ما رأيته، فلما كان الساعة أخذت دفترا [فلما كان] (١) بين (٢) يدي فصفحته فوقعت عيني منه على قول الشاعر:

الدهر أقصر مدة … من أن تلحق (٣) بالعتاب

أو أن تكدر ما صفا … منه بهم واجتناب

فتعمني أوقاته … فتمرها مر السحاب

فعلمت أنها عظة [و] (٤) أن سبيلي أن لا أسخط الله تعالى بإسخاط زوجي ولا أستعمل اللجاج، فجئتك أترضاك وأرضيك، فانكببت على يديها ورجليها، وصفا ما بيننا أحسن صفاء.

٣٦٢ - عبيد الله بن محمد بن طلحة بن الحسن، أبو محمد الدامغاني (٥):

ابن أخت قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني، شهد عند خاله في


(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٢) في (ج): «من يدي».
(٣) في (ج): «يمحق».
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ب)، الأصل.
(٥) انظر: الجواهر المضية ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>