للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فبقي سنة يؤرخ الكتب عنه وعن وصيف التركي مولى أمير المؤمنين، فلما مضت سنة خص عبيد الله بالمتوكل، فطرح اسم وصيف ونفذت الكتب باسم عبيد الله وحده.

قال الصولي: وكان عبيد الله بن يحيى جوادا كريما سمح الأخلاق ممدحا. حدثنا أبو العينا، قال: لما دخلت على المتوكل قال لي: ما تقول لي في عبيد الله بن يحيى؟

قلت: نعم العبد لله ولك، منقسم بين طاعته وخدمتك، يؤثر رضاك على كل فائدة، وما عاد بصلاح رعيتك على كل لذة.

قرأت في كتاب «الوزراء» (١) لمحمد بن عبدوس الجهشياري، قال: سمعت أبا الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح يقول: وقد جرى ذكر عبيد الله بن يحيى لم يكن له من الصناعة حظ إلا أنه أيد بأعوان وكفاة من كتاب الزمان، وكان واسع الحياء (٢) حسن المداراة.

أنبأنا يحيى بن أسعد التاجر قال: أنبأنا أبو العز أحمد بن عبيد الله العكبري قراءة عليه، أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري (٣)، حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى ابن زكريا النهرواني، حدثنا محمد بن علي بن محمد بن الجهم أبو طالب الكاتب، حدثني أبو العباس محمد بن عبد الله بن طاهر، حدثني أبي عن أحمد بن إسرائيل قال:

خرجت يوما إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فلما صرت في صحن الدار رأيته مضطجعا على مصلاه موليا ظهره باب مجلسه، فهممت بالرجوع، فقال لي الحاجب:

ادخل فإنه منتبه، فلما سمع حسي جلس، فقلت: حسبتك نائما، فقال: لا ولكنني كنت مفكرا، قلت: فيما ذا- أعزك الله تعالى؟ قال: فكرت في أمر الدنيا وصلاحها في هذا الوقت واستوائها ودرور الأموال وأمن السبل وعز الخلافة، فعلمت أنها أمكر وأنكد وأغدر من أن يدوم صفاؤها لأحد، قال: فدعوت له وانصرفت، فما مضت أربعون ليلة منذ ذلك اليوم حتى قتل المتوكل ونزل به من النفي ما نزل.

قال الصولي: نزل جماعة من أعداء عبيد الله يحرضون المنتصر على قتله ويعرفونه


(١) انظر كتاب الوزراء، ص ٢٥٤.
(٢) في (ب)، (ج): «الحيلة».
(٣) في الأصل: «الحازرى» وفي (ب): «الحارزى» وفي (ج): «الحارابى».

<<  <  ج: ص:  >  >>