للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنبأنا أبو القاسم البقال عن محمد بن طاهر المقدسي سمعت أبا الحسن البسطامي خادم الصوفية ببغداد يقول: كان سبب إقامتي ببغداد أني تزوجت امرأة بغزنة كبيرة السن قد نيفت على السبعين، وكنت أنا في حدود نيف وعشرين سنة، فلما دخلت عليها قالت لي: هذه الدار وجميع ما فيها من الآلة لك- وكان لها جوار عدة قوالات (١) يخرجن إلى الأعراس وغيرها وكان لها ثروة حسنة- كل هذا بحكمك (٢) افعل فيه ما تشاء، غير هذا الكنف (٣)، فإني لا آذن لك فيه! فقلت في نفسي: وما عسى أن يكون في هذا الكنف، ثم طالبتني نفسي به، فلما كان في بعض الأيام خرجت مع جواريها إلى دور بعض المحتشمين بغزنة لعرس، أغلقت الباب وفتحت الكنف فإذا فيه قطيعات من خرق الصوفية، فندمت على خيانتي لها فنفضت الكنف، فوقع من أسفله حرز ففتحته فإذا فيه مكتوب: فلان بن فلان تزوجته بالبلد (٤) الفلاني، مات بالبلد الفلاني- حتى عددت قريبا من سبعين رجلا ممن مات فيها معها، فقلت: يا أبا الحسن عن قليل يصير اسمك في التذكرة، خرجت وغلقت الباب وسلمت مفتاح الدار إلى بعض المعارف، ولم أنم تلك الليلة إلا على رأس الحد وهو عشرون فرسخا، ولم أتوقف في موضع من فزعي منها حتى دخلت بغداد، وكنت أسأل كل من يأتي من هناكعنها وأنا خائف حتى خبرت بعد مدة بموتها فآمنت وطابت نفسي.

قال: وسمعت أبا الحسن البسطامي يقول: كتب (٥) في حقي قصة ورفعت إلى الخليفة المقتدى بأمر الله يذكر فيها أن البسطامي تزهد ولبس الصوف وترك أكل الطيبات، فإذا خلا في بيته لبس الكتان الرومي وأكل الدجاج المسمن وحلوى السكر ويتمتع بجوار له حسان، فكتب المقتدى على ظهر القصة: يجوز جميع ذلك في الشرع.

قرأت في «كتاب التاريخ» لأبي الحسن محمد بن عبد الملك الهمداني قال: سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة في آخر شعبان كان علا روفا (٦) فمات فيه ببغداد أبو


(١) في الأصل: «فرالات».
(٢) في (ب): «بحلمك».
(٣) في (ب): «الكيف» في كل المواضع.
(٤) في الأصل: «بالبلاد».
(٥) في الأصل، (ب): «كنت».
(٦) هكذا في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>