للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خذا من لذيذ العيش ما رق أو صفا … ونفسيكما عن باعث الهم فاصرفا

ألم تعلما أن الهموم قواتل وأحجى … الورى (١) من كان للنفس منصفا

خليلي إن العيش بيضاء طفلة … إذا رشف الظمآن ريقتها اشتفى

من المشرقات الآنسات كأنها … سقته نردى توسطت الجفا

أتاه كأن البدر ألقى ضياءه … عليها وردتها الغزالة مطرفا

إذا خطرت هزت من السمر عاملا … وإن نظرت سلت من البيض مرهفا

وتفتر عن أحوى اللثاث لحاله … حصا بردا وأقحوانا مرففا

خليلي إني رضت دهري وراضني … وجريت أحوال الرجال مكشفا

وكم قد سرحت النفس في شهواتها … وكنت لأخدان الصبابة مألفا

وجررت ذيل اللهو في مسرح الصبا … ونازعت أرباب البطالة قرقفا

معتقة شهباء عطرية الشذا … إذا شجها الساقي كأن بارق خفا

وقد طال ما أنصبت راحلة الهوى … ليالي كان الدهر بالوصل معفا (٢)

وبت أعاطي الراح بيضاء خرعبا … مبتلة أو ذا احورار منطفا

أعن إذا عازلته رق لفظه … وأصحب أو جمشته لأن معطفا

كأن السلاف البابلي أعاره ال … رضاب وسحبان الفصاحة متحفا

إذا وسنت أجفانه استيقظ الهوى … ونبه وجدا يوقظ الصب إن غفا

بميل به راح الجمال فينثني … دلالا ويكسو البان قدا مهفهفا

سقى الله أرض الجامعين وتربها … من الغيث هطال (٣) العشيات أو طفا

إذا اصطبحت فيه الرعود تضاحكت … عقائق أضحى برقها متكشفا

وحنت به نيب القطار وأورمت … روا عنه حين ازلأم وردفا

وألقى على عام الرواتي بقاعة … وجللها الزهر النضير وألحفا

محل به انصنى الزمان شبيبتي … وخط عذاري بالمشيب ونصفا

فلما رأيت الأمر قد جد جده … ونكر ما قد كان بالأمس عرفا


(١) في الأصل: «رضيت الورى».
(٢) هكذا في الأصل.
(٣) في الأصل: «عطال».

<<  <  ج: ص:  >  >>