إليه، كان يتولى أمر الدواوين في أيام المكتفي، فلما أفضت الخلافة إلى أخيه المقتدر ووزيره العباس بقي ابن الفرات على ولايته، فلما وقعت فتنة عبد الله بن المعتز، وقتل الوزير العباس بن الحسن استدعى المقتدر بأبي الحسن بن الفرات وقلده الوزارة في يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين وخلع عليه من الغد، وركب الناس جميعا بين يديه إلى داره.
قال الصولي: ودخل عليه علي بن يحيى المنجم فأنشده:
أبا حسن لتهنئك الوزاره … فقد أبدلت ظلمتها إناره
أشار لها سواك فلم ترده … وقد قصدت إليك بلا إشاره
وما ظلمت بأن جاءتك عفوا … لقد كانت عليك لها أماره
فخذها شاكرا قوسا أعيدت … إلى الرامي وكانت مستعاره
وما زالت تبغي مستقرا … فكنت لها وقد فلقت قراره
تحرت لها برأيك في أمور … تحف لها فأربحت التجارة
وأما الراكضون لها يحرق … فعاد الربح منهم للخساره
وليس وزارة الخلفاء تهنأ … وليس خلافة الرحمن عاره
فكن لهم من المكروه جاراً … فليس يخاف من أصبحت جاره
ولما أن ذكرت لنا علمنا … فإن الملك أصبح في خفاره
تجلت فتنة كنا أسفنا … بها والمسلمون على إماره
وأعقبنا الإله رضي بسخط … وأبدلت الحلاوة بالمراره
فقد أنزعت أيدينا نضاراً … وقد أنزعت دنيانا نضاره
لقد عين المبشر عين يرضى … بأن أعطيه مثلك يدي بشاره
فأبقاك الإله لنا وأبقى … لنا النعمى ووقاك الحرارة
ثم إن المقتدر فوض إليه الأمور كلها، واعتمد عليه وبسط يده ومكنه، فسار بالعدل والإحسان والعفو عن الجناة، وبذل المعروف وحسن الصنيعة وسلامة المحضر، وبسط الكرم والأفضال، وكان موصوفا بسعة الصدر والسخاء.
قال الصولي: كان أجل الناس نفسا وكرما ووفاء، وكان أخوه أبو العباس أحمد أكبر منه سنا وأرفع طبقة في الآداب والعلوم، وكان أبو الحسن يتقدم أخاه في الحساب والخراج، وله فيه مصنف، وكان له ثلاثة أولاد: أبو أحمد المحسن، وأبو