ولم يكن عرف الخبر فيعد له تهنئة، فلما مثل بين يديه رأى الناس يهنئونه نثرا ونظما قال ارتجالا:
ويفرح بالمولود من آل برمك … بغاة الندى والسيف والرمح ذو النصل
«وتبسط الآمال فيه لفضله» ثم ارتج عليه فلم يدر ما يقول، فقال له الفضل بن يحيى «فيه لفضله» «ولا سيما إن كان من ولد الفضل» فاستحسن الناس بديهة الفضل في هذا، وأمر لأبى النضير بصلة.
وبه عن الأصبهانى قال: أخبرنى حبيب بن نصر حدثنا هارون بن محمد بن عبد الملك حدثني بعض الموالي: حضرت الفضل بن يحيى وقد قال لأبى النضير يا أبا النضير أنت القائل فينا:
إذا كنت من بغداد في رأس فرسخ … وجدت نسيم الجود من آل برمك
لقد ضيقت علينا جدا، قال: فلأجل ذلك أيها الأمير ضاقت على صلتك وضاقت عنى مكافأتك، وأنا الذي أقول:
تشاغل الناس ببنيانهم … والفضل في بنى العلى جاهد
كل ذوى الرأى وأهل النهى … للفضل في تدبيره حامد
وعلى ذلك مما قلت البيت الأول كما بلغ الأمير وإنما قلت:
إذا كنت من بغداد في مقطع الثرى … وجدت نسيم الجواد من آل برمك
فقال له الفضل: إنما أخرت ذلك لأمازحك، وأمر له بثلاثة آلاف درهم.
وبه عن الأصبهانى قال حدثني عمر حدثنا أبو العيناء قال: حدثت عن أبى النضير قال: دخلت على الفضل بن الربيع فقال: هل أحدثت بعدي شيئا؟ قلت: نعم، قال:
وما هو؟ قلت: أبياتا في امرأة تزوجتها وطلقتها لغير علة ألا تفضى لها وإنها لبيضاء بضة كأنها سبيكة فضة، فقال لي: وما قلت فيها؟ فقلت قلت:
رحلت أنيسة بالطلاق … فأرحت من غل الوثاق
رحلت فلم تألم لها … نفس ولم تدمع مآقى
أو لم تبن بطلاقها … لأبنت نفسي بالإباق