للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ابن مسعود يقتل أبا جهل يوم بدر]

ذلكم هو الغلام المعلم أيها الأحبة! هذا هو ابن مسعود رضي الله عنه، الذي يتحول هذا التحول الكبير، بل لقد كان له يوم بدر مشهد مذكور، فلقد ورد في صحيح البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: من ينظر ما صنع أبو جهل؟ فقال ابن مسعود: أنا يا رسول الله! فانطلق ابن مسعود بسيفه، فوجد أبا جهل قد قتله ابنا عفراء رضي الله عنهما، فقال له ابن مسعود: أنت أبو جهل؟! فاحتقر أبو جهل -وهو يموت ويحتضر- ابن مسعود وأصحابه، فقال: وهل فوق رجل قتلتموه أو قتله قومه؟! يقول ابن مسعود رضي الله عنه كما في رواية الإمام أحمد من حديث أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود، والحق أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله، فالحديث فيه انقطاع، إلا أن بقية رجال أحمد رجال الصحيح، وله شواهد بمعناه تقويه كما ذكرت آنفاً.

قال ابن مسعود لـ أبي جهل: هل أخزاك الله يا عدو الله؟! فأخذ سيفه وضربه فلم يغن فيه شيئاً، فبصق أبو جهل في وجه ابن مسعود، وقال: خذ سيفي فاجتز رأسي به! فأخذ ابن مسعود سيفه وقطع به رأسه وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بمقتل أبي جهل، فقال النبي: (آلله الذي لا إله إلا هو؟! آلله الذي لا إله إلا هو؟!!) أي: أقتل أبو جهل حقاً؟! قالها النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، فخرج مع عبد الله بن مسعود فلما رآه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذي أخزاك الله يا عدو الله! ثم قال صلى الله عليه وسلم: هذا كان فرعون هذه الأمة) قتله ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه.

من كان يصدق أن ابن مسعود الفقير الأجير هو الذي سيقتل أبا جهل؟! ها هو الإسلام يمنحه مكان فقره غنى، ومكان ضعفه قوة وإرادة تقهر جبابرة قريش، ومكان انزوائه وانعزاله في شعب من شعاب مكة مكانة عالية خفاقة تعانق كواكب الجوزاء، هذا هو الإسلام الذي حول هؤلاء من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>