ابن مسعود أقرب الناس سمتاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم
الحمد لله الذي لم يتخد ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، وما كان معه من إله، الذي لا إله إلا هو، ولا خالق غيره ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}[الحج:٦٢] .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه وهو على كل شيء قدير.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته, واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وأسأل الله جل وعلا أن يشرح صدورنا وإياكم بالإيمان والتوحيد، وأن يجمعنا وإياكم دائماً وأبداً في الدنيا على طاعته، وفي الآخرة في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير.
أحبتي في الله! مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى: نحن اليوم على موعد مع رجل من أقرب الناس سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن اليوم على موعد مع العالم الرباني، الأواه الأواب، الخاشع البكاء، إنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الداخل عليه دوماً وليس بمردود، والحافظ الأمين لجميع الأسرار والعهود، الذي كان يوقظ النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام، بل ويستره إذا اغتسل، إنه الضعيف القوي! إنه الفقير الغني! إنه المؤمن التقي النقي الأبي، إنه الغلام المعلم، والقارئ الملقن، والفقيه المفهم، إنه الرجل الذي وصفه فاروق الأمة عمر وصفاً دقيقاً محكماً في ثلاث كلمات لا تزيد، فقال عنه عمر: كنيف ملئ علماً! أي: وعاء ملئ علماً.