إننا اليوم على موعد مع عائشة، وما أدراكم ما عائشة؟! إنها حبيبة الحبيب صلى الله عليه وسلم! إنها المرأة التي ولدت في الإسلام، في بيت الصدق والتوحيد والإيمان، في بيت صديق هذه الأمة الأكبر أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه! إنها الزهرة التي نشأت ونبتت في حقل الإسلام، وسقيت بماء الوحي على يد صديق الأمة ابتداءً، ثم بعد ذلك على يدي رسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم.
أيها الأحبة! إنها عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وأرضاها، التي جاء الملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فرآها النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثاً، ويقول له الملك في كل مرة: هذه امرأتك هذه زوجتك، كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أريتك في المنام مرتين أو ثلاثاً) أي: أراني الله إياك في المنام مرتين أو ثلاثاً.
وفي رواية أخرى في الصحيحين أيضاً:(أريتك في المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك في سرقة من حرير -بفتح السين والراء والقاف، وهي القطعة- فيقول لي الملك: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه) ، وأمضاه الله جل وعلا؛ فتزوجها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بعدما قدم المدينة المنورة -زادها الله تكريماً وتشريفاً- وهي بنت تسع سنين، وكانت الفتاة في هذا السن في أرض الجزيرة وفي ذلك الوقت تصلح لأن تكون زوجة ناضجة عاقلة واعية، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهي بنت تسع سنين رضي الله عنها وأرضاها، فنشأت لا ترى إلا النبي أمامها، فسكن النبي صلى الله عليه وسلم في قلبها، وأحبت النبي حباً شديداً، وحق لها ذلك، فمن يُحب إذا لم يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وبادلها الحبيب صلى الله عليه وسلم هذا الشعور النبيل الكريم، وأحبها النبي صلى الله عليه وسلم حباً شديداً أعلنه أكثر من مرة في صراحة ووضوح، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عمرو بن العاص، أن عمراً سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وقال:(أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة، قال: فمن الرجال؟ قال: أبوها) ، يقول الإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء: وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أحب أفضل رجال الأمة، وأفضل نساء الأمة -أي: بعد خديجة رضي الله عنها- وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليحب إلا طيباً، وحري بمن أبغض حبيبي رسول الله أن يكون بغيضاً إلى الله ورسوله.