نشأ خالد بن الوليد في بيئة غنية ثرية مترفة، فأبوه هو: الوليد بن المغيرة الذي كان أغنى الناس في زمانه، وكان من كبريائه في جوده أنه كان ينهى عن أن توقد نارٌ في منى غير ناره لإطعام الحجيج، الوليد بن المغيرة الذي تحدث الله عنه وعن ثرائه وغناه في سورة المدثر فقال:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً}[المدثر:١١-١٦] ذلكم هو الوليد بن المغيرة، وتلك هي البيئة التي نشأ فيها خالد بن الوليد رضي الله عنه.
ومع هذا الغنى، وهذا الثراء نشأ خالد بن الوليد نشأةً خشنة، مروض نفسه على الغلظة، والقساوة، والخشونة، وحياة البداوة، لماذا؟ لأنه نشأ من صغره يحب الفروسية والقتال، وترك خالد هذا الثراء والمال والغنى، إلا أنه ورث الكره الشديد للإسلام من أبيه، فهو قائد الميمنة، وصاحب الحملة الشرسة في غزوة أحد التي شتت شمل المسلمين، وبعثرت صفوفهم، حتى جرح النبي صلى الله عليه وسلم، بل وأشيع في الميدان أن رسول الله قد قتل، بعد المباغتة السريعة لـ خالد بن الوليد الذي طوق من خلالها الرماة على الجبل، بعدما خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخالد بن الوليد هو الذي تولى قيادة الخيل في غزوة الخندق، ووكلت له مع كتيبة من الفرسان يركبون الخيول في هذه المعركة مهمةً عسيرة خطيرة ألا وهي: قتل النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الله نصر عبده وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وتصدى خالد بعد ذلك في مائتي فارس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو في طريقه إلى مكة في عام الحديبية، ولما رآه النبي صلى الله عليه وسلم اضطر أن يصلي بأصحابه يومها صلاة الخوف.
ولما اصطلح النبي مع مكة وعاد في عمرة القضاء لم يقبل خالد أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يطوفون ببيت الله الحرام، فترك خالد مكة وخرج حتى لا يرى هذا المشهد بعينيه.