للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نبذة تعريفية بالإمام أبي حنيفة]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.

فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين: أما بعد فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكّى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال، وأن يجمعنا وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أحبتي في الله: إننا اليوم على موعد مع اللقاء الرابع عشر مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى من الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام المهديين، والأئمة المجتهدين، والعلماء العاملين الذين قيضهم الله جل وعلا ليحفظ بهم هذا الدين.

أيها الأحبة! لو استطردنا في هذه السلسلة قد تحتاج منا إلى أعوام بدون مبالغة، فإنني قلت قبل ذلك: إن هؤلاء الأبطال وهؤلاء الأخيار هم عمر الزمن ونبض الحياة، وقد يكون من المحال أن نقدر نبض الزمن وأن نحسب أنفاس الحياة، وحتى لا نطيل عليكم في هذه السلسلة الكريمة فسوف نبدأ بحديثنا من اليوم عن الأئمة الأربعة المعروفين: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وهذا هو ترتيبهم الزمني، وسوف نلتزم بهذا الترتيب الزمني ونحن نتحدث عنهم خشية أن ندع مجالاً ومدخلاً لنزعة تعصب بغيضة قد يقذفها الشيطان في بعض القلوب إن قدمنا واحداً عن الآخر! ومن ثم فإن حديثنا اليوم عن إمام الفقه والزهد والورع الذي قال عنه الإمام الشافعي: (الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة) نعم.

فـ أبو حنيفة رحمه الله هو أول من دون علم الفقه، ورتب أبوابه ووضع أصول وقواعد هذا العلم العظيم الجليل الكبير، ولا يهمني اليوم وأنا أتحدث عن حياة هذا الإمام العظيم وأن أؤرخ لحياته، أو أن أعدد لمناقبه ومآثره وفضائله بقدر ما يهمني اليوم أن أدفع أمر هذه الشبهات والتهم الخطيرة التي وجهت إلى هذا الإمام العظيم، وبلغ بعض هذه التهم حداً خطيراً.

بلغ إلى حد الحكم بالكفر والزندقة على هذا الإمام رضي الله عنه.

ويهمني اليوم أيضاً أن أذكر وأحذر المتعصبين للإمام ولمذهبه أن الإمام براء من هذا التعصب البغيض الأعمى، فهو الذي أعلن بصراحة وبوضوح قولته الشهيرة: (إذا صح الحديث فهو مذهبي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>