نام الإمام أحمد على فراش الموت في السابعة والسبعين من عمره، وجلس إلى جواره ولده عبد الله، فرأى الإمام أحمد يقول: لا بعد لا بعد لا بعد، فتعجب ولده، فلما أفاق الإمام بين سكرات الموت وكرباته، قال: يا أبتي! ماذا تقول، أراك تقول: لا بعد لا بعد؟! أتدرون ماذا قال أحمد؟ قال: يا بني! إن إبليس جالس عند رأسي بحذائي عاض على أنامله، يقول لي: يا أحمد! لقد فتني في حياتك، ولو فتني اليوم ما أدركتك بعد اليوم، مت يا أحمد على اليهودية مت يا أحمد على النصرانية، وأنا أقول: لا بعد لا بعد حتى ألقى الله عز وجل موحداً على لا إله إلا الله.
أحمد يفتن عند موته، ولكن أنى لأهل الاستقامة وأهل الإيمان أن يفتتنوا والله جل وعلا يقول:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}[فصلت:٣٠-٣٢] ؟! ودخل عليه أبو بكر المروزي فقال له: يا أحمد! كيف أصبحت؟ فقال أحمد: وكيف يصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض، ونبيه يطالبه بأداء السنة، ونفسه تطالبه بهواها، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل، وإبليس يطالبه بالفاحشة، وملك الموت يطالبه بقبض روحه؟!! ومات الإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه وصلى الله على أستاذه ومصطفاه، وجمعنا الله بهما في جنته ومستقر رحمته؛ إنه ولي ذلك ومولاه.
وأعتذر لكم أحبتي عن الإطالة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.