تأتي كراهية خالد بن الوليد بعد كراهية أبيه للإسلام مباشرة، إلا أنه مع هذا كان يعيش صراعاً داخلياً رهيباً بين بيئته بموروثاتها الجاهلية، وبين هذا النداء الذي يصرخ في أعماقه على أنه الحق، ويقول له: إن الإسلام هو دين الله، وأن محمداً هو رسول الله، وأن الذي تركع وتسجد له يا خالد إنما هي حجارة لا تضر ولا تنفع، ولا تسمع ولا تبصر، ولا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
وسرعان ما انتهى هذا الصراع الذي طال حقاً، وشرح الله صدر خالد، وقذف في قلبه حب الإسلام، وعلى الفور ينطلق خالد بن الوليد من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة؛ ليبدأ حياةً جديدة من تلك اللحظة الباهرة الرائعة التي خشع فيها قلبه، وسكنت فيها جوارحه، وامتدت يده لتبايع الحبيب صلى الله عليه وسلم، وليشهد بين يدي رسول الله شهادة الحق والصدق وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.
ويبتسم الحبيب صلى الله عليه وسلم، ويمد يده ليصافح خالد بن الوليد بوجه طلقٍ وهو يقول:(الحمد لله الذي هداك يا خالد، فلقد كنت أرى لك عقلاً، ورجوت ألا يسلمك إلا لخير) انظروا إلى شهادة النبي عليه الصلاة والسلام: (فلقد كنت أرى لك عقلاً، ورجوت ألا يسلمك إلا لخير) .