وأُخبر عثمان بذلك، فجمع عثمان الناس في المسجد، وقام على المنبر خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وأخبرهم بحقيقة القوم، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار: اقتلهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال:(من دعا إلى نفسه أو إلى أحد وعلى الناس إمام فعليه لعنة الله، واقتلوه) ، أتدرون ماذا قال الحيي التقي النقي؟ لقد قال:(كلا، بل نعفو ونقبل، ونبصرهم بجهلنا، ولا نقتل أحداً حتى يرتكب حداً أو يبدي كفراً) ثم بدأ عثمان يرد على المسائل التي نقموا عليه فيها، ويرد اتهامات القوم، ويرد إشاعات الناس؛ لأنهم قالوا: إنه خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وأتم الصلاة في المزدلفة في الحج وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة وأبو بكر وعمر، فقال عثمان:(أما وإني قد أتيت بلداً فيه أهلي فأتممت الصلاة لذلك -وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه- ثم التفت إلى القوم وقال: أكذلك هو؟ قالوا: اللهم نعم.
ثم قال عثمان: وقالوا: بأنني أحميت الحمى -أي: كثرت أموالي وكثرت المراعي الخاصة بي- أما والله لقد وليت عليكم وليس في العرب من هو أكثر مني بعيراً وشاة، وأنا اليوم لا أملك بعيراً ولا أملك شاة إلا بعيرين اثنين لحجي، أكذلك هو؟ قالوا: اللهم نعم.
قال عثمان: واتهموني بأنني أكثرت العطاء لـ عبد الله بن أبي سرح، ووالله! ما أفأت عليه إلا بما أفاء الله عليه من قبل، وإلا بما فعله أبو بكر وعمر، أكذلك هو؟ قالوا: اللهم نعم.
وقال عثمان: واتهموني بأن القرآن كان صحفاً فجعلت القرآن كتاباً واحداً، ووالله! إن القرآن لكتاب واحد نزل من عند واحد ولم أفعل إلا ما فعله صاحباي: أبو بكر وعمر، أكذلك هو؟ قالوا: اللهم نعم.
وقال عثمان: واتهموني بأني أحب أهلي وأعطيهم من مال المسلمين، أما والله! إن حبي لهم لم يملني معهم على جور، وإنما أقمت حقوق الله عليهم، وأما عطائي لهم فمن مالي، ووالله إنني إلى يومي هذا ما أكلت من مال المسلمين، وإنما آكل إلى اليوم من خالص مالي!) .
وفند عثمان رضي الله عنه هذه الشبهات، وهذه الأقاويل والافتراءات، وهذه الادعاءات، وهل نصدق أحداً بعد عثمان رضي الله عنه وأرضاه؟!