وهكذا أيها الأحباب: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بـ زينب بنت جحش رضي الله عنها وأرضاها، وتنتقل زينب إلى بيت النبي لتصبح من هذا اليوم أماً من أمهات المؤمنين، وزوجةً لرسول رب العالمين وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
أي شرفٍ هذا وأي فخرٍ تفتخر وتشرف به زينب أن يزوجها الله ولمن؟ لرسوله صلى الله عليه وسلم.
ولكن هناك عقولاً أنهكها التحلل الأخلاقي وراحت تلهث وراء هذه النصوص الواضحة للي أعناقها لياً كبيراً للنيل من أطهر وأشرف رجلٍ عرفته الدنيا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وسقط في هذه الهوة السحيقة الكبيرة بعض محترفي وصناع الوضع، ووضعوا الأحاديث وروجوا الإشاعات وسجلوا الأكاذيب.
ومما يؤلم القلب أنني وأنا أعد لخطبة زينب رضي الله عنها قرأت كثيراً وكثيراً فوجدت أن كثيراً من أمهات المراجع قد لوثت بهذا الخبر المكذوب الموضوع الذي نقله كثيرٌ منهم لبطون كتبهم بغير تدقيق ولا تمحيص لا للسند ولا للمتن، سأرد الآن بإيجاز على افتراءين وعلى تهمتين.
أما الافتراء الأول: فخلاصته في خبرٍ موضوعٍ مكذوبٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- ذهب إلى زيدٍ ليزوره في بيته يوماً فهبت ريحٌ فكشفت الستر فرأى النبي زينب بنت جحش فوقعت في قلبه، فانطلق النبي وهو يقول: سبحان الله العظيم! سبحان من يقلب القلوب! هذه خلاصة الخبر المكذوب الموضوع، ومن يومها أراد النبي أن يتزوج زينب رضي الله عنها، أي سفه هذا؟ والله إنه لا يقبل هذا الأتقياء فما ظنكم بسيد الأنبياء، والله لا يقبل تقيٌ أن ينظر إلى زوجة أخٍ من إخوانه، وأن يتمنى أن يتزوجها بعده، أو وهي معه في حياته فكيف بسيد الطاهرين محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
وأنا أعجب! من الذي زوج زينب بـ زيد؟ من الذي ذهب إليها؟ من الذي كلمها؟ من الذي خطبها؟ ألم يرها النبي عليه الصلاة والسلام مع أن النساء لم يكن يحتجبن من الرجال قبل نزول آية الحجاب وهي ابنة عمة النبي عليه الصلاة والسلام التي تربت معه في بيته وبين أهله، أي سفه هذا؟ هل ما رأى النبي زينب إلا في هذا اليوم الذي تفننوا فيه ونسجوا له إخراجاً سينمائياً حقيراً على غرار هؤلاء الأقزام بأن ريحاً هبت كشفت الستر فرأى النبي زينب فوقعت في قلبه! ما هذا؟ هذا يليق بقصة ينسجها مخرجٌ صاحب عقلٍ عفن.
أما النبي؛ أما سيد الطاهرين؛ أما سيد النبيين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فوالذي نفسي بيده ما رأت البشرية أنقى ولا أطهر ولا أخجل ولا أصدق ولا أعف من محمدٍ صلى الله عليه وسلم.