السبب الثالث: أنهم قد يختلفون في فهمهم للمراد من الدليل، وإن من أوضح الأدلة على ذلك: ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة في يوم الأحزاب: (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة) فأدركهم العصر وهم في الطريق، فانقسم الصحابة إلى قسمين: قسم اجتهد وقال: نصلي العصر الآن لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرد منا ذلك وإنما عزم علينا الخروج إلى بني قريظة، وقسم آخر قال: لا.
أمرنا الرسول ألا نصلي العصر إلا في بني قريظة فلن نصلي العصر إلا في بني قريظة، فصلى فريق وامتنع فريق آخر، فلما بلغ ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقر الفريقين ولم يعب على فريق منهما، وهذا اختلاف في فهم المراد من الدليل.