وروى ابن سعد في الطبقات بسند صحيح أن عثمان بن عفان قال: كنت أنا آخر الناس عهداً بـ عمر، دخلت عليه بيته ورأسه في حجر ولده عبد الله، فنظر عمر إلى ولده وقال: يا عبد الله! ضع رأسي على الأرض، فنظر عبد الله وقال: يا أبتِ! وهل هناك فرق بين أن تكون في حجري وبين أن تكون على الأرض؟ قال عمر: يا عبد الله! ضع هذا على الأرض! أي ذل لله هذا؟! وأي تواضع لله هذا؟! يا عبد الله! ضعها على الأرض، ثم يقول عمر: ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي.
الله أكبر! والله لا أجد ما أقوله تعليقاً على هذه المواقف التي تحرك القلوب الميتة، التي تحرك الأعين الجامدة، وكفانا فخراً أن نقول في نهاية المطاف: إنه ابن الجزيرة العربية الذي خرجته مدرسة الإسلام، ورباه محمد عليه الصلاة والسلام.
اللهم اجز عنا عمر بن الخطاب خير ما جازيت مصلحاً أو صالحاً، اللهم اجزه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، اللهم اغفر لنا وله، واجمعنا به في دار كرامتك يا أرحم الراحمين، اللهم متعنا برؤياهم مع إمامهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم، اللهم ألحقنا بهم على طاعة ترضيك يا رب العالمين! اللهم قيض لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم اجعل هذه البلاد سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين إلى ما تحبه وترضاه، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة برحمتك يا أرحم الراحمين! أحبتي في الله! أكثروا من الصلاة والسلام على أستاذ البشرية، ومعلم الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أمركم الله جل وعلا بذلك في محكم كتابه فقال:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[الأحزاب:٥٦] ، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.