وخذوا المزيد أيها الأحباب! ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:(توضأت يوماً في بيتي وخرجت قائلاً: لألزمن اليوم رسول الله، ولأكونن معه يومي هذا، فخرجت أتبع أثره، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم بئر أريس، فتوسط قف البئر وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، يقول أبو موسى: فدخلت على رسول الله فسلمت عليه صلى الله عليه وسلم، ثم انصرفت وجلست عند الباب، وقلت: لأكونن اليوم بواب رسول الله -الله أكبر! - يقول: وإذا رجل يحرك الباب، فقلت: من؟ قال: أبو بكر، فقال أبو موسى: على رسلك، -أي: انتظر- ودخل أبو موسى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ائذن له وبشره بالجنة، يقول أبو موسى: فجئت أبا بكر فقلت: ادخل، ورسول الله يبشرك بالجنة.
فدخل أبو بكر رضي الله عنه، فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم على القف، وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلست عند الباب وقلت: إن يرد الله بفلان خيراً يأت به -يقصد أبو موسى أخاه رضي الله عنهما- يقول: فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من؟ قال: عمر بن الخطاب، فقال أبو موسى: على رسلك، وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عمر بن الخطاب يستأذن عليك يا رسول الله! فقال الحبيب: ائذن له وبشره بالجنة، فجئت عمر فقلت: ادخل، ورسول الله يبشرك بالجنة، ثم جلست عند الباب وقلت: إن يرد الله بفلان خيراً -يعني: أخاه- يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من؟ قال: عثمان بن عفان، قلت: على رسلك، فذهبت إلى رسول الله وقلت: يا رسول الله! هذا عثمان بن عفان يستأذن عليك) يقول أبو موسى كما في بعض الروايات في غير صحيح مسلم: (فسكت النبي صلى الله عليه وسلم هنيهة، ثم قال: يا أبا موسى! ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه) .
بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٣-٤] .
يقول: فذهبت إلى عثمان وقلت: ادخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة مع بلوى تصيبك، فقال عثمان -كما في بعض الروايات-: نصبر، وفي بعض الروايات قال: الله المستعان! ودخل عثمان فوجد القف قد امتلأ، فجلس مقابلاً للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، وكشف عن ساقيه ودلاهما كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه.