وفي السنة الرابعة بعد المائتين، أي: في الرابعة والخمسين من عمره نام الشافعي على فراش الموت بعد ما اشتد به المرض، ودخل عليه تلميذه المزني ليقول له: كيف أصبحت؟ فقال الشافعي: أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله وارداً، ووالله لا أدري أتصير روحي إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها، وبكى الشافعي رضي الله عنه، ونظر إلى السماء وناجى ربه جل وعلا وقال:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
ما زلت ذا عفوٍ عن العبد لم تزل تجود وتعفو منةً وتكرما
ولقي الشافعي ربه جل وعلا بعد هذه المناجاة الرقيقة التائبة الآيبة إلى الله عز وجل، فرحم الله الشافعي رحمة واسعة، وجزاه الله عنا وعن المسلمين والإسلام خير ما جزى صالحاً أو مصلحاً.