للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترجمة موجزة لخديجة وزواج النبي صلى الله عليه وسلم بها]

من هي خديجة أيها الأحباب؟! وما الذي تعرفه نساء المسلمين عن خديجة؟ وما الذي نعرفه عن أمنا رضي الله عنها وأرضاها؟ إنها سكن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبلسم آلامه، وشفاء جراحه وأتعابه.

خديجة ذلك العلم، ذلكم الشرف، خديجة التي نشأت في مكة المكرمة شرفها الله في بيت شرف وحسب ومال، وتزوجت أول الأمر في شبابها بـ عتيق المخزومي، وما لبث أن مات عنها، فتزوجت مرة أخرى بـ أبي هالة التميمي ورزقها الله جل وعلا منه الولد، فرزقت منه بـ هند بن أبي هالة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه وأرضاه، وبعدما مات زوجها الثاني أعرضت خديجة رضي الله عنها عن الزواج، وظلت أيّماً حتى بلغت الأربعين من عمرها، وكانت هذه المرأة العاقلة الشريفة تتاجر بأموالها، وتستأجر من الصالحين والصادقين من يتاجر لها بالمال، عن طريق المضاربات التي أقرها الإسلام بعد ذلك.

وسمعت خديجة عن صدق محمد بن عبد الله قبل البعثة، وقبل الرسالة، فلقد شهد اجتماع مكة في دار الندوة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالصدق والأمانة قبل أن يبعث، يوم أن دخل عليهم وهم يختلفون: من الذي سيضع الحجر الأسود في مكانه، ويوم أن التفتت الأنظار وشخصت تجاه الباب، وإذ بهم يرون محمداً صلى الله عليه وسلم، فهتفوا جميعاً على لسان رجل واحد: لقد دخل عليكم محمد الأمين، لقد أطلق أهل مكة في دار الندوة على محمد لقب الأمين قبل البعثة.

فلما سمعت خديجة عن أمانته وعن صدقه وعن عفته؛ أرسلت إليه ليتاجر بمالها، ولبى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك تلبية لرغبة عمه أبي طالب، وذهب النبي عليه الصلاة والسلام ليتاجر لـ خديجة بمالها، وعاد غلامها ميسرة -الذي لا نعلم عنه شيئاً في الإسلام كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة- ليحدثها عن أمانة محمد، وعن صدق محمد، وعن وفاء وإخلاص وبر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

ودب الحب في قلب خديجة رضي الله عنها لهذا الصدق وهذه الشيم وتلك الأخلاق الكريمة التي سمعت في رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد أجمعت الروايات كلها على: أن خديجة رضي الله عنها هي التي خطبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتتشرف بالزواج منه، ولن نقف طويلاً عند هذه الأحداث الصغيرة، وذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها ليخطبها مع أعمامه، وعلى رأسهم حمزة وأبو طالب، ووقف أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ليخطب خديجة رضي الله عنها، وكان من أروع ما قاله أبو طالب حيث قام خطيباً: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وفرع إسماعيل، وجعلنا حجبة البيت وسواس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً، ثم إن هذا ابن أخي محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لو وزن به أي شريف من أشراف مكة شرفاً وعقلاً ونبلاً وفضلاً لرجحه محمد، ومحمد من قد عرفتم، وقد جاء اليوم يخطب خديجة، فله رغبة فيها، ولها رغبة فيه، وما أحببتم من الصداق فعلي.

هذه هي خطبة أبي طالب.

فقام عمها عمر بن أسد، ونظر إلى أبي طالب وقال: هو الفحل لا يقدح أنفه.

أي: هو الكريم الذي لا يرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>