[استحياء النبي صلى الله عليه وسلم من عثمان رضي الله عنه]
أحبتي في الله! تعالوا بنا مباشرة لنستهل حديثنا المبارك عن هذا الرجل التقي النقي الحيي المبارك بقول الحق، وشهادة الصدق، وقول الفصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق هذا الرجل المظلوم المفترى عليه؛ لتكون هذه الشهادة من أول الطريق إلى آخره بمثابة النور الذي سيبدد لنا كل الشبهات، والذي سيدمر لنا كل المؤامرات، فهي بمثابة النور الذي من خلاله سنرى عثمان التقي النقي الحيي.
ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حاله -أي: وهو كاشف لفخذيه أو ساقيه- ودخل الصديق رضي الله عنه فحدث النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج، تقول عائشة: فاستأذن عمر فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ذلك -أي: وهو على تلك الحال- فدخل عمر بن الخطاب فحدث النبي صلى الله عليه وسلم وخرج، ثم استأذن عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، فقبل أن يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم جلس وسوى ثيابه، واعتدل في جلسته، ثم أذن لـ عثمان رضي الله عنه، فدخل عثمان بن عفان فحدث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خرج عثمان فطنت الذكية التقية النقية الأمر وأرادت أن تسأل عن الخبر، فقالت عائشة: يا رسول الله! دخل أبو بكر وأنت كاشف عن ساقيك أو فخذيك، فحدثك وأنت على هيئتك، فلم تهتش له، ولم تبال به، ودخل عمر فحدثك وأنت على هيئتك، فلم تهتش ولم تباله، فلما دخل عثمان جلست وسويت ثيابك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟!) يا خالق عثمان سبحانك أي طراز كان هذا الرجل! عثمان تستحي منه ملائكة الرحيم الرحمن! عثمان ينال هذه الشهادة، ويتوج بهذه الكرامة، ويوصف بهذه الفضيلة، ويحلى بهذا الوسام العالي الغالي الكريم:(يا عائشة! ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة!) يا لها من شهادة! والله! لو لم يخرج عثمان من الدنيا إلا بها لكفته شرفاً وفخراً في الدنيا والآخرة.