الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: وهنا -أيها الأحبة- مرقت فرقة الضلال من بين جيش علي رضي الله عنه وأرضاه؛ هؤلاء الذين قبلوا التحكيم في أول الأمر, بل وهم الذين أصروا على علي أن يذعن لكتاب الله، وهل عارض أو عاند، علي الذي تربى في أحضان الكتاب وبين آياته؟ هل أنكر حدود الله وضيع كتاب الله؟! خرجت هذه الفرقة فرقة الضلال، الخوارج الذين اعترضوا على علي وخرجوا عليه، وحكموا عليه بالكفر, قالوا: تحكم في كتاب الله بشراً -سبحان الله! - من أصحابك؟ إن الحكم إلا لله, وكفروا علياً بهذه المقولة حتى قال علي قولته الخالدة:[كلمة حق يراد بها باطل] .
وانطلقوا يعيثون في الأرض تقتيلاً وفساداً, هذه الفرقة التي قال عنها الحبيب الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في أحاديث بلغت حد التواتر:(يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) .
وفي حديث أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال:(يقتل هذه الفرقة أولى الطائفتين بالحق) , فشهد النبي للطائفتين, لطائفة علي ولطائفة معاوية بأنهما على الحق، ولكن هناك فرقة هي أولى بالحق من فرقة، وهي فرقة علي رضي الله عنه وأرضاه, وهذا هو ما يدين الله به أهل السنة والجماعة بأن الطائفتين على الحق، وأولى الطائفتين بالحق طائفة علي، وكلاهما مجتهد مأجور إلا أن اجتهاد علي ضعف اجتهاد معاوية ومن معه رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم.