[لا حقيقة لما افتراه المغرضون من خلاف بين ابن مسعود وعثمان]
وبالرغم من ذلك -حتى لا أطيل عليكم- فإن الموتورين والمجرمين والمغرضين لم يتركوا ابن مسعود إلا وقد شوهوا صورته وأساءوا إلى سمعته، ونسجوا مسرحية هزلية خلافية حقيرة بين ابن مسعود وبين ذي النورين عثمان بن عفان فقالوا وخاضوا في بحار هائجة في تاريخ هؤلاء الصحب الكرام، فغرقوا وأغرقوا وضلوا وأضلوا، وأساءوا ولم يحسنوا، وإنه ينبغي لمن اقتحم هذا المجال ليتحدث عن هؤلاء الصحب الكرام أن يكون سليم العقيدة، أميناً في النقل، مخلصاً في القصد، وأن ينظر بدقة فاحصة إلى أغراض الموتورين والكذابين والوضاعين الذين يريدون بكل الأساليب أن يشوهوا صورة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال اليعقوبي المؤرخ الشيعي المحترق قال: لقد استدعى عثمان عبد الله بن مسعود من الكوفة، فلما دخل عليه ابن مسعود -وكان عثمان يخطب على المنبر- قطع عثمان خطبته وقال: لقد دخلت عليكم دابة سوء! فتكلم ابن مسعود كلاماً شديداً! فأمر عثمان بإخراجه من المسجد! فجروه من رجله، فكسر له ضلعان! أعوذ بالله! ما هذا الكذب؟! وما هذا الهراء في حق الصحب الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم؟! وابن مسعود هو الذي خطب في الكوفة يوم أن أُمِّرَ عثمان وخلف عمر رضي الله عنهم جميعاً، فقال: لقد اجتمعنا نحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم نأل عن خيرنا -أي: فلم ننصرف عن خيرنا- وأعطينا الإمارة والخلافة لخيرنا بعد عمر، وهو عثمان رضي الله عنه وأرضاه.
بل وقال هذا الشيعي المحترق: إن ابن مسعود رفع يديه ودعا وقال: اللهم إنك عظيم العفو عظيم التجاوز، فلا تتجاوز عن عثمان! والله إن هذا لا يحدث من آحاد المسلمين الشرفاء الأتقياء، فهل نتوقع أن يحدث ذلك من رجل أقرب الناس سمتاً وهدياً ودلاً بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! وهل نتوقع ذلك من ذي النورين الذي ضحى بحياته حتى لا تهرق قطرة دم واحدة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!