تزوج الحبيب بـ خديجة رضي الله عنها، وكان زواجاً ميموناً كريماً مباركاً، ضربت فيه خديجة رضي الله عنها أروع الأمثلة للبر والصبر والوفاء والكرم والجود والإيثار، فوالله ما سمع منها رسول الله كلمة تغضبه قط.
استمعن أيتها المسلمات! استمعي أيتها الأخت المسلمة! يا من يعيش معها زوجها في قلق وهم وغم واضطراب! يا من تتفنن كل يوم في إيلام قلب زوجها! وتعكر صفو حياته، استمعي إلى بر الزوجة المخلصة، واستمعي إلى وفاء الزوجة المثالية والقدوة الطاهرة الطيبة، تعلمن يا مسلمات! من أمكن خديجة رضي الله عنها وأرضاها، تلك المرأة التي ملأت حياة النبي صلى الله عليه وسلم فرحاً وسروراً، وراحة وحبوراً، وأمناً وأماناً، وسكينة وهدوءاً، وإيماناً واطمئناناً، تعلمن أيتها المسلمات من خديجة رضي الله عنها وأرضاها.
تزوج النبي عليه الصلاة والسلام بها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وهي في الأربعين من عمرها كما قال جمهور أهل العلم.
ظللت السعادة على هذا البيت، وضربت الصابرة أروع الأمثلة في البر والوفاء، فهي الغنية، وزوجها الفقير الذي كان يعمل عندها يوماً من الأيام، هل قالت له يوماً: يا فقير؟! هل قالت له يوماً: يا من عملت عندي؟! تعلمي أيتها المسلمة الموظفة التي تمتن على زوجها في الليل والنهار، تعلمن من خديجة رضي الله عنها وأرضاها، والله ما قالت له قط كلمة تجرحه، ولا كلمة تؤذيه، ولا كلمة تغضبه، وإنما يوم أن سعدت وشرفت بزواجها منه صلى الله عليه وسلم وضعت مالها كله بين يديه، وأسلمت له قلبها وعقلها وروحها وبيتها واستقرارها، وأحبت كل ما أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبغضت كل ما أبغضه رسول الله، وتلك هي أركان الوفاء وبنود البر، وبنود الإيثار، ورحم الله المودودي حين قال: إن الحياة الزوجية إن خلت من المودة والرحمة أصبحت كالجسد الميت إن لم يدفن فاح عفنه ونتنه.