يخرج من مراوغة تحتهَا مغاورة ومكاسرة وَرَاءَهَا مكاشرة فاستخار الله فِي طلبه وانتهز فِيهِ فرْصَة شغل قبه بريبه وَلم يغره مَا أمْلى لَهُ فِي الْبِلَاد من تقلبه وَسَار وَلم يزل مُقْتَحِمًا وَتقدم أول الْعَسْكَر محتدما وَإِذا الدَّار قد ترحل مِنْهَا أَهلهَا فبانوا وظعنوا عَن ساحتها فكأنهم مَا كَانُوا وَلم يبْق إِلَّا مواقد نيران رحلت قُلُوبهم بضرامها وأثافي دهم أعجلت المهابة مَا رد سغبهم عَن طعامها وغربان بَين كَأَنَّهَا فِي الديار مَا قطع من رُؤُوس بنى حامها وعوافي طير كَانَت تنْتَظر من أشلائهم فطر صيامها وعادت الرُّسُل المنفذة لاقتفاء آثَارهم وَأَدَاء أخبارهم ذاكرة أَنهم لبسوا اللَّيْل حدادا على النِّعْمَة الَّتِي خلعت وغسلوا بِمَاء الصُّبْح أطماع نفس كَانَت قد تطلعت وَأَنَّهُمْ طلعوا الأوعار أوعالا وَالْعِقَاب عقبانا وَكَانُوا لمهابط الأودية سيولا ولأعالي الشّجر قضبانا
فَرَأى الْمَمْلُوك أَن الْكتاب فيهم قد بلغ أَجله والعزم مِنْهُم قد نَالَ أمله والفتك بهم قد أعمل منصله وَأَن سيوف عَسَاكِر أَمِير الْمُؤمنِينَ منزهة عَن أَن تريق إِلَّا دِمَاء أكفائها من الْأَبْطَال وَأَن تلقى إِلَّا وُجُوه أنظارها من الرِّجَال وَأَن الْمَذْكُورين