للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الأئمة من قريش» (١). وبقول قريش للأنصار في سقيفة بني ساعدة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصانا بأن نحسن إلى محسنكم ونتجاوز عن مسيئكم ولو كانت الإمارة فيكم لم تكن الوصية بكم فحَجُّوا الأنصارَ (٢).

وبالإجماع؛ كما حكاه القاضي عياض (٣) والنووي (٤) والآمدي (٥) والتفتازاني (٦) والغزالي (٧) وابن خلدون (٨) والإيجي (٩) والماوردي (١٠)، وذكر الشهرستاني (١١) أنَّ الفتنة بين الأنصار والمهاجرين بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إنَّما سَكَنَت بعد رواية أبي بكر لحديث: «الأئمة من قريش» (١٢) حتى قال ابن حزم بتواتر هذا الحديث (١٣)، ثمَّ إنَّ الماضين اشتهر عنهم اختصاص هذا المنصب بقريش، ولم يتشوَّف قطُ أحدٌ من غير قريش إلى الإمامة، على تمادي الأحيان وتطاول الزمان.

ولكن قال ابن حجر: {يحتاج من نقل الإجماع إلى تأويل ما جاء عن عمر - رضي الله عنه - من ذلك، فقد أخرج أحمد عن عمر بسند رجاله ثقات أنه قال: «إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته» فذكر الحديث، وفيه: «فإن أدركني أجلي وقد


(١) سبق تخريجه في ص: (١١٥) حاشية (١).
(٢) مقدمة ابن خلدون: ص ١٩٤. والحديث رواه النسائي في السنن الكبرى: ٥/ ٨٧ رقم (٨٣٢٨) عن أنس. والحاكم في مستدركه: ٤/ ٨٩ رقم (٦٩٧٢) عن أبي قتادة، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص. وأحمد في مسنده: ٢٠/ ٢٧٨ رقم (١٢٩٥٠) عن أنس بلفظ: " والذي نفس محمد بيده، إني لأحبكم، إن الأنصار قد قضوا ما عليهم وبقي الذي عليكم، فأحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم " وقال محقق الكتاب: إسناده صحيح على شرط البخاري. وغيرهم.
(٣) ذكر قولَه ابنُ حجر في فتح الباري: ١٣/ ١١٩. السيل الجرَّار للشوكاني: ٣/ ٧٠١. وانظر ترجمة القاضي عياض في فهرس التراجم: رقم (٩٠).
(٤) في شرحه على مسلم: ١٢/ ٢٠٠ عند شرحه لحديث «الناس تبع لقريش .. ».
(٥) الإمامة للآمدي: ص ١٧٨.
(٦) شرح المقاصد للتفتازاني: ٥/ ٢٤٤.
(٧) فضائح الباطنية للغزالي: ص ١٨٠.
(٨) مقدمة ابن خلدون: ص ١٩٤.
(٩) المواقف للإيجي: ٣/ ٥٨٥. شرح المواقف للجرجاني: ٨/ ٣٥٠.
(١٠) الأحكام السلطانية للماوردي: ص ٦. وبهذا قال رشيد رضا في كتابه (الخلافة): ص ٢٦.
(١١) الملل والنحل للشهرستاني: ١/ ٢٤.
(١٢) سبق تخريجه في ص: (١١٥) حاشية (٢).
(١٣) الفصل في الملل لابن حزم: ٤/ ٧٤.

<<  <   >  >>