تتحقق - تنسيق التشريع في الدول العربية وتوحيده، فقد أصبح يكتفي بإصدار البيانات السياسية حول قضايا الساعة في ختام مؤتمراته التي يعقدها.
وسواء كانت الجامعة لا تستطيع تحقيق أي خطوة وحدوية حقيقية أو لا تريد ذلك، فإن التساؤلَ عن جدواها وسبب إنفاق الأموال الطائلة عليها يبقى مشروعاً.
إن المتتبع والراصد لتاريخ جامعة الدول العربية يلاحظ أن الجامعة لم تقم بالدور المرجو منها في سبيل تحقيق الوحدة العربية الحقيقية؛ لعدة أسباب: منها ما يتعلق بميثاق الجامعة نفسه، ومنها ما يتعلق بالدول العربية الأعضاء في الجامعة، ومنها المتغيرات العالمية التي حدثت في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي ترتب عليه ظهور نظام العالم الأحادي القطب أو ما يعرف بالنظام العالمي الجديد، والذي كان من أبرز ملامحه ظهور التكتلات الاقتصادية الكبرى، وفيما يلي نلقي بعض الضوء على هذه الأسباب:
١ - الأسباب المتعلقة بالميثاق:
ولد ميثاق جامعة الدول العربية ضعيفاً منذ البداية لأسباب أشرت إليها عند الحديث عن الميثاق، ولعل من أبرزها خلو هذا الميثاق من إلزام الدول بقرارات مجلس الجامعة، فهذا الميثاق أعطى الدول الأعضاء حق التنصُّل من قرارات الجامعة، وبعضها قد يكون مصيريّاً، حيث ترك الميثاق حرية الالتزام بالقرارات لمن يقبلها فقط.
واحتوى الميثاق أيضاً على مواد تتيح للدول الأعضاء في الجامعة عقد اتفاقيات ثنائية فيما بينها؛ مما أدى لظهور الكيانات الإقليمية التي شتَّتت جهود الدول العربية، ولم تعمل على تحقيق الهدف المنشود منها، مثل الاتحاد المغربي، ومجلس التعاون الخليجي، ومجلس التعاون العربي.
وقد برز فشل الميثاق في تنفيذ آليات جامعة الدول العربية أثناء قيام حرب فلسطين سنة ١٩٤٨م، فلم تفلح جهود الجامعة في وقف العدوان على الشعب الفلسطيني، ففي حين استطاعت الحركة الصهيونية حشد ما يقرب من ثمانين ألف جندي، لم تستطع البلاد العربية مجتمعة أن تحشد سوى أربعين ألف جندي، أي ما