للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة ٢١٤هـ/٨٢٩ م، فاستغاث بهم الأفارقة في ميناو فهب الأندلسيون لنجدتهم واقتحموا عدة قلاع حتى وصلوا إلى ميناو، فهرب البطريق تودط إلى قصريانة وذلك في جمادى الآخرة ٢١٥هـ/أغسطس٨٣٠ م، ثم اتحدت القوات الأفريقية والأندلسية وواصلت فتح الجزيرة، ففتحوا (بلرم) صلحاً في رجب سنة ٢١٦هـ (١).

ولا شك أن هذا فيه أبلغ التعبير عن مدى الارتباط العميق الذي يجمع المسلمين سواء في المشرق أو في الأندلس، وخاصة عندما تبتعد العلاقات عن الخلافات السياسية.

ولعل كل ما سبق - وغيره - كان السبب وراء عدم إعلان الخلافة في الأندلس لفترة طويلة جداً، تجاوزت مائة وخمسة وسبعين عاماً.

وسأقسم الحديث عن الأندلس إلى ثلاثة أقسام وفقاً للمراحل التي مر بها هذا البلد؛ المرحلة الأولى من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة، والمرحلة الثانية من بداية عصر الإمارة المستقلة حتى إعلان الخلافة في الأندلس، والمرحلة الثالثة تبدأ بإعلان الخلافة الأموية فيها وتنتهي بسقوط هذه الخلافة:

أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

حكم ملوكُ القوط الأندلسَ نحواً من أربعمائة سنة قبل الإسلام، ويعتبر حكمهم للأندلس حكماً أجنبياً مفروضاً له مظهره العسكري ومظهره الديني، وله مساوئه التي كان أبرزها عظم نفوذ الكنيسة وتسلط رجال الدين، واستحواذ الكنيسة على قدر كبير جداً من الأراضي الزراعية وإعفائها من الضرائب، وكذلك انقسام المجتمع إلى طبقات؛ طبقة النبلاء ورجال الدين بكل مميزاتها والغالبية العظمى من الشعب، ثم الرقيق (٢).


(١) البيان المغرب لابن عذاري: ١/ ١٠٤. النجوم الزاهرة لابن تغري بردي: ٢/ ٨٥ - ٨٦. نهاية الأرب للنويري: ٢٤/ ٣٥٩. الدولة الأغلبية لمحمد الطالبي: ص ٤٧٤ حاشية رقم ٣٥٥. العلاقات السياسية للفيلالي: ص ٩٥.
(٢) تاريخ الطبري: ٦/ ٤٦٨ - ٤٩٤. تاريخ افتتاح الأندلس لابن القوطية: ص ٢٤٠ - ٢٧٧. أخبار مجموعة في فتح الأندلس لمؤلف مجهول: ص ٧٠ وما بعدها. نفح الطيب للمقري: ١/ ١٤٧. العالم الإسلامي في العصر العباسي للدكتور حسن أحمد محمود والدكتور أحمد إبراهيم الشريف: ص ٣٩٥ - ٣٩٦. الدولة العربية في إسبانية للدكتور إبراهيم بيضون: ص ٦٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>