للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تؤمن الدولة بسيادة الله ورسوله القانونيَّة، وتتنازل عن الحاكميَّة وتؤمن بأنْها خلافة نائبة عن الحاكم الحقيقي عز وجل، وسلطاتها في هذه المنزلة لا بد وأن تكون محدودة بتلك الحدود سواء أكانت هذه السلطات تشريعيَّة أو قضائيَّة أو تنفيذيَّة» (١).

لقد تنوَّعت آراء علماء المسلمين في معنى الخلافة، وعمَّن تكون إلى ستَّة آراء، خمسة منها في الخلافة الخاصَّة، التي يقصد منها تطبيق حكم الله عز وجل، (وهي الأقوال الخمسة الأولى) وهي التي تعنينا ببحثنا هذا، وواحد في الخلافة بالمعنى الزمني فقط (وهو القول الأخير) (٢)، وسأتناولها - بعون الله - واحداً إِثْرَ آخر مُبيِّناً قائليها وماذا يترتب على كل قول:

١ - الخلافة إنَّما هي خلافة عن الله - عز وجل -.

٢ - الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

٣ - الخلافة إنما هي خلافة عن الله ورسوله معاً.

٤ - الخلافة هي خلافة عن الأمة.

٥ - الخلافة هي خلافة عن الخليفة السابق.

٦ - الخلافة هي خلافة الإنسان للملائكة والجنِّ، أو خلافة أمة ما لمن سبقها من الأمم في سكنى الأرض.

وقد رتبتُ هذه الآراء على هذا الترتيب حسبما رأيتُه من أهمية المستخلِف لا حسب قوَّة الرأي أو ضعفه.

الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى (٣)، انقسم القائلون به إلى خمسة أقسام:

أ) القسم الأول: قال: إنَّ المقصود بقوله - عز وجل -: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ (خَلِيفَةً}


(١) الخلافة والملك لأبي الأعلى المودودي: ص ٩، ١٩.
(٢) أقصد بالخلافة الخاصة منصب رئيس الدولة، وبالخلافة العامة خلافة كل الناس عن الله في تطبيق شرعه.
(٣) حكاه الماوردي وأبو يعلى وابن خلدون والشرواني عن بعض العلماء ولم يصرِّحوا بأسمائهم. انظر: الأحكام السلطانية للماوردي: ص ١٧. الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص ٢٧. مقدمة ابن خلدون: ص ١٩٦. حواشي الشرواني: ٩/ ٧٥. وسيأتي بيانهم لاحقاً.

<<  <   >  >>