وتأكدت ظاهرة الضعف هذه بالحدث الجلل الذي حصل للعراق الشقيق، من احتلال له من قبل القوات الأمريكية والبريطانية ومن تحالف معهما، الأمر الذي يدعو بشكل عاجل وحثيث للبحث في أسباب هذا الضعف العربي والإسلامي وتجنبه، والتوجه نحو مستقبل العزة والكرامة لهذه الأمة المظلومة التي تكالب عليها الناس من أطراف الأرض، فلا يجوز الاكتفاء بردود الأفعال، بل لا بد من تأسيس عمل جاد يدفع عن هذه الأمة طمعَ أعدائها بها، فولدت هذه الأطروحة من رحم الواقع الأليم، تطلعاً نحو فعل يقي الأمة الإسلامية غوائل القادم من غدر أو احتلال.
مما سبق من كلام تتبين أهمية الفكرة التي يتناولها البحث وحجمها؛ أما أهميتها فتتجلى في أنها لا زالت قضية الساحة، وإن اختبأت خلف الكلمات حيناً وأسفرت على ألسنة المفكرين والسياسيين حيناً آخر، وأما حجم فكرة الوحدة فهو كبير جداً؛ كبيرٌ من الناحية التاريخية، لأنه يمتد من فجر الإسلام حتى اليوم، وكبير من الناحية السياسية، فأي حديث - فضلاً عن العمل- عن وحدةٍ بين الدول الإسلامية تحت أي اسم يثير خوف دول الغرب والشرق، ويحرك ذاكرتهم نحو دولة الخلافة التي بذلوا الكثير ليحطموها، لأنها كادت وأكثر من مرة أن تحول قارة أوروبا إلى قارة إسلامية، مما يعني اضمحلال حضارتهم إلى الأبد، حتى صار السعي إلى إقامة دولة إسلامية - فضلاً عن الخلافة - تهمة يتهمون بها من يريدون محاربته حرباً لا هوادة فيها.
[خطة البحث]
جاءت هذه الأطروحة مقسَّمة على أربعة أبواب:
الباب الأول: تعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها، وجاء مشتملاً على فصلين: