للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستخدامهم الترغيب والترهيب لكسب المؤيدين والأنصار، ولم يكن المستجيبون للمذهب الإسماعيلي من نوع واحد، فمنهم من استجاب من أجل مصلحة شخصية، ومنهم من استجاب ليتحرر من الضغوط التي مارسها الإسماعيلية على المصريين في بعض الأحوال، ومنهم من استجاب بتأثير أساليب الدعوة الأخرى.

على أن من دخل في الدعوة الإسماعيلية من المصريين لم يكن متعمقاً فيها، بل توقف عند الأخذ بفقه الإسماعيلية والإيمان والاعتراف بإمامة الخليفة الفاطمي، وعندما اضطرب أمر المذهب الإسماعيلي، ولا سيما بعد ظهور دعوى الألوهية أيام الحاكم ترك هؤلاء ذلك المذهب (١).

المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

من المعلوم أن مصر كانت قبل الفتح الفاطمي لها تدين بالمذهب السُّني الذي كان المذهب الرسمي للأقاليم التابعة للخلافة العباسية، ومنها مصر، وليس من المبالغة القول: إن مصر كانت من أهم المنابر السُّنية في العالم الإسلامي قبل العصر الفاطمي، ورغم تحول مصر إلى مركز للدعوة الشيعية الإسماعيلية بعد استيلاء الفاطميين عليها، ونشاطهم المكثف في الدعوة إلى مذهبهم وسعيهم الدؤوب إلى القضاء على المذهب السُّني، سواء بالتشكيك فيه والنيل منه، أو بالتضييق على أتباعه فقد ظل أكثر المصريين ثابتين على مذهبهم السُّني أوفياء له، وفي ذلك يقول عبد القاهر البغدادي (ت ٤٢٩ هـ): «وأهل مصر ثابتون على السُّنة إلى يومنا هذا، وإن أطاعوا صاحب القاهرة في أداء خراجهم إليه» (٢).

ويقول الأستاذ محمد عبد الله عنان مؤكداً هذه الحقيقة: «إن الأمَّة المصرية لبثت من الناحية المذهبية طوال عهد الدولة الفاطمية محتفظة بمذهبها السُّني، لا تبغي عنه بديلاً» (٣).

وفيما يلي ألقي بعض الضوء على أبرز مظاهر المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي


(١) مصر بين المذهب السُّني والمذهب الإسماعيلي للدكتور أحمد كامل: ص ١٧٦ وما بعدها.
(٢) الفرق بين الفرق للبغدادي: ص ٢٧٥.
(٣) الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية في عصره لمحمد عبد الله عنان: ص ٢٩٢. وانظر مقدمة ابن خلدون: ص ٢٥٧.

<<  <   >  >>