للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية]

لم يكد الفاطميون يُتمُّون فتح مصر حتى تطلعوا إلى بسط نفوذهم على الشام التي كانت السيطرة عليها تمثل أهمية استراتيجية لكل نظام يتولى حكم مصر، حيث كان الفاطميون يرون في سوريا الشمالية الطريق إلى العراق، وأن سيطرتهم عليها ستضمن لهم الوصول إلى بغداد المركز الروحي والسياسي للعالم الإسلامي السُّني (١)، وقد كان جوهر أرسل جيشاً إلى الشام بقيادة جعفر بن فلاح، ففتح الرملة ثمَّ دمشق وأقام الدعوة للخليفة الفاطمي المعز في سنة ٣٥٩ هـ، ثمَّ أتم فتح الشام سنة ٣٦٠ هـ، واعترف حكام حلب الحمدانيون بالخلافة الفاطمية.

وكان الفاطميون يهدفون من وراء فتح الشام إلى اتخاذها قاعدة انطلاق للهجوم على بغداد، لوضع نهاية لحكم البويهيين والخلافة العباسية، بيد أن موقعة دمشق مع القرامطة، الذين استغاث بهم فلول الإخشيديين، ومقتل جعفر بن فلاح في ذي القعدة سنة ٣٦٠ هـ قد بددت أحلام الفاطميين (٢).

وقد شجعت المواجهات العسكرية بين الفاطميين والقرامطة أهالي الفرما وتنيس (٣) على التمرد على الفاطميين ونبذ دعوتهم، فلبسوا السواد شعار العباسيين، بيد أن الفاطميين نجحوا في قمع هذا التمرد وإعادة الهدوء إلى هذه الأقاليم بين سنتي ٣٦٠ - ٣٦٣ هـ (٤).

وتجدر الإشارة إلى أن عضد الدولة البويهي أبا شجاع فنا خسروا قد اعترف في عهد الطائع العباسي بفضل آل البيت وخاطب العزيز بـ «الحضرة الشريفة» وأقر له بأنه في طاعته (٥)، فكان ذلك مكسباً سياسيّاً ودبلوماسيّاً للفاطميين في مواجهتهم مع العباسيين.


(١) الدولة الفاطمية للدكتور أيمن سيد: ص ١٥٩. تاريخ ابن خلدون: ٤/ ٤٨ - ٤٩. اتعاظ الحنفا للمقريزي: ١/ ١٢٠ و ١٢٢ - ١٢٣.
(٢) اتعاظ الحنفا: ١/ ١٢٨ - ١٢٩. الدولة الفاطمية للدكتور أيمن سيد: ص ١٥٠.
(٣) مدينة على الساحل من ناحية مصر، وهي مدينة قديمة بين العريش والفسطاط، قد سفت الرمال عليها قرب قطية شرقي تنيس على ساحل البحر. انظر مراصد الاطلاع للبغدادي: ٣/ ١٠٣٠.
(٤) اتعاظ الحنفا للمقريزي: ١/ ١٣٠ وما بعدها.
(٥) الكامل لابن الأثير: ٨/ ٧٠٩. النجوم الزاهرة لابن تغري بردي: ٤/ ١٢٤.

<<  <   >  >>