للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان (١):

بعد موت مروان بن الحكم بايع الناسُ عبدَ الملك في رمضان سنة ٦٥ هـ، فوعد الناس خيراً ودعاهم إلى إحياء الكتاب والسنة وإقامة العدل , وكان معروفاً بالصدق والفضل والعلم فقبلوا منه ولم يختلف عليه أحد من أهل الشام (٢). وقد كانت تنتظر عبد الملك مهام كبيرة، فلم تكن الأمور بأحسن حالاتها في البلاد الإسلامية، فتوطيد حكمه وتوحيد الدولة الإسلامية كان يتطلب منه مواجهة مع ابن الزبير والتي كان دونها مواجهات مع الشيعة (٣) والخوارج والقيسية في قرقيسياء من جهة، كما كان عليه أن يسوي بعض المشاكل داخل البيت الأموي من جهة أخرى، مع الانتباه لتحركات الامبراطورية البيزنطية، وقد استطاع عبد الملك أن يتناول هذه المشاكل واحدة إثر أخرى بكفاءة وإصرار، فكان الخليفة الذي وحَّد الأمة الإسلامية للمرة الثانية بعد تفرقها، ولما انتصر على ابن الزبير سمي ذلك العام عام الجماعة، تشبيهاً له بعام الجماعة الأول الذي كان بعد تنازل الحسن بن علي - رضي الله عنه - عن الخلافة لمعاوية - رضي الله عنه - عام ٤١ هـ، وبالفعل فقد خاض عبد الملك عدة مواجهات للوصول إلى ذلك، أذكر منها ما حصل بينه وبين ابن الزبير فقط، وقد حصلت بينهما ثلاث مواجهات هي:

[المواجهة الأولى]

استلم عبد الملك الخلافة وكان أبوه مروان قد بعث بعثين أحدهما إلى العراق عليه عبيد الله بن زياد، والآخر إلى المدينة عليه حبيش ابن دلجة (٤)، فأما الجيش المتجه إلى العراق فلم يصل إلى ابن الزبير بسبب المعركة التي حصلت بينه وبين التوَّابين المطالبين بدم الحسين، مما أعاقه عن التقدم بعد أن أُثخن بالقتل والجراح (٥).


(١) انظر ترجمة عبد الملك بن مروان في فهرس تراجم الأعلام رقم (٨٥).
(٢) الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص ١٦٩.
(٣) انتشر التشيع بين الفرس لارتباطهم بالحسين بروابط المصاهرة. لأن الحسين تزوج من شهر بانوه بنت يزدجرد الثالث آخر ملوك الفرس الساسانيين، فولدت له علي بن الحسين، فكان علي بن الحسين يمثل أسرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويمثل المطالبين بعرش الفرس من آل ساسان. انظر كتاب: (عبد الملك بن مروان) لعمر أبو النصر: ص ٧٤.
(٤) انظر ترجمة حبيش بن دلجة في فهرس الأعلام رقم (٤٨).
(٥) عبد الملك بن مروان والدولة الأموية للدكتور ضياء الدين الريس: ص ١١٢.

<<  <   >  >>