للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن كنتَ قد أُعطيتَ علمَ غيب ... فقل لنا صاحب البطاقة (١)

[ج- التصدي لغلو الإسماعيلية]

رفض أهل السُّنة في مصر متابعة الإسماعيلية في غلوهم وانحرافهم، بل قاوموهم أشد مقاومة، ومن الشواهد الدالة على ذلك:

١) روى الحافظ السلفي أن الخليفة الحاكم بأمر الله كان جالساً في مجلسه العام، وهو حافل بأعيان الدولة، فقرأ بعض الحاضرين قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النساء/٦٥، وكان القارئ في أثناء ذلك يشير إلى الحاكم، فلما فرغ من القراءة قرأ شخص آخر يعرف بابن المشجر: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِن الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} الحج/٧٣ - ٧٤، فلما أنهى ابن المشجر قراءته تغير وجه الحاكم وأمر له بمائة دينار ولم يطلق للقارئ الأول شيئاً، ولكن بعض أصحاب ابن المشجر خوَّفه من الحاكم، وأنه قد يؤاخذه فيما بعد، فخرج ابن المشجر إلى الحج وغرق في الطريق (٢).

٢) عندما وصلت قافلة الحجاج سنة ٣٩٥ هـ إلى مصر أراد بعض الإسماعيلية أن يحملوهم على سبِّ السلف، فأبى الحُجاج وتحملوا في سبيل ذلك السب والبطش (٣).

٣) عندما جهر نفرٌ من غلاة الإسماعيلية بفكرة تأليه الحاكم بأمر لله، قام أهل السُّنة من الغيورين على دينهم بالفتك بكل من يقع في أيديهم ممن يروج لهذه الفكرة التي لا يقول بها إلا كافر، وقتلوا عدداً من القائلين بها، وقد شهدت السنوات من ٤٠٨ هـ إلى ٤١٠ هـ سلسلة من المصادمات والاغتيالات والقتل، قتل في أثنائها


(١) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ٥/ ٣٧٣. النجوم الزاهرة: ٤/ ١١٦. تاريخ الخلفاء: ص ٦. حياة العامة في مصر في العصر الفاطمي للدكتورة نجوى كيرة: ص ٣٧٤.
(٢) معجم السفر للسلفي نقلاً عن مصر بين المذهب السني والمذهب الإسماعيلي للدكتور أحمد كامل: ص ٢٠٤.
(٣) اتعاظ الحنفا المقريزي: ٢/ ٥٤.

<<  <   >  >>