وبعث الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله برسالة مماثلة إلى صفيه المغربي الزعيم المكناسي موسى بن أبي العافية في نفس السنة أي سنة ٣٢٠هـ / ٩٣١ م يأمره هو الآخر بالتأهب لاستئصال شافة الفواطم من أفريقية، وقطع دابر العباسيين في المشرق، وتخليص البيت من عبث القرامطة، جاء فيها ما يلي: «وذلك مما شد أمير المؤمنين عزماً، وشغل قلبه عليه غيضاً وغماً، حديث الحادث الجلل والخطب المعضل، النازل في بيت الله الحرام وما كان وما صار إليه من الإغفال له والإضاعة لدوره، حتى غشيهم أهل الكفر في محل الأمن فقتلوهم أبرح قتل ... ، وهتك البيت الحرام واستلب ما فيه، وحدث فيه ما لم يعرف في الأولين، ولا يزل في الآخرين، وهو الأمر الفادح الكارث، الذي لا يحل لأمير المؤمنين ترك الغضب منه، والسعي في الانتصار له والقيام في الذب عليه، والتقرب إلى الله بحماية البيت العتيق، وتعظيمه .. وقد صرت عند أمير المؤمنين معروفاً بخالص الوعد، وصادق الطاعة، معدوداً في عدة الذين يعتمد عليهم، وأنصاره الذين يتدارك في المهمات على نهضتهم، فأنت بأخص المنازل عنده في الاستعداد به، والرجاء لحمد مقامك، وحسن نظرك وتدبيرك فيما يجردك أمير المؤمنين له، وينهضك نحوه ويجعلك قائده في جميع الغرب قائماً باسمه ناهضاً بدعوته، معيناً على إحياء الدين، وإماتة الفاسقين وتغيير آثار الضالين وتقويم زيغ المفسدين، لا يرغب أمير المؤمنين من قبلك، ولا من قبل غيرك من أولياء الطاعة وأنصار الدولة، مالا يحتبى ولا مرغوباً يقتنى ولا مدائن تصطفى، بل رغبة أمير المؤمنين فيما صرف همته إليه، ومد طرفه نحوه، وشغل قلبه به، من طلب حقه وارتجاع ميراثه، والسعي لملك آبائه الخلفاء، وهمه أفريقية فما دانها والحرم وما اتصل به، ومصر والشام وما خلفها، فيرد الله به الدولة، ويكشف الجولة، ويحيي الآثار السالفة الفصل، ويعيد الدين على يديه جديداً غضاً، والحق حقاً، ويجعل كل ذي بدعة طريداً، ينهض بأمير