تحقيق الوحدة يجب أن ينبني على فهم الواقع ودراسته بدقة (١)، ولئن كانت مظاهر الوحدة كثيرة وأهمها الوحدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، فإن نظرة سريعة على كل واحدة من هذه المجالات تبين أنها تعاني من مشاكل خطيرة وجديَّة بين الدول الإسلامية:
١ - واقع الوحدة الاجتماعية:
بينما تَبذلُ الدولُ غير الإسلامية المختلفةُ اجتماعياً جهوداً حثيثة للتقارب الاجتماعي كدول الاتحاد الأوربي، نجد الدول الإسلامية التي كانت أصلاً منسجمة اجتماعياً تتجه إلى مزيد من التفرق، فقد انعكست سياسات الدول الإسلامية المتجاورة والمختلفة إلى حد كبير، على العلاقات الاجتماعية بينها، فاختلاف توجهات كل بلد عن البلد المجاور له كان له أبلغ الأثر في التنافر الاجتماعي والتباعد بدل التقارب، بين شعوب هذه الدول، ولست في حاجة لسرد أمثلة على هذا، فيمكن أن نقول: إن هذا موجود مع كل بلد إسلامي أو عربي، مع البلد المجاور معه، ويبدو أن الأمر آخذ في الازدياد ولا تبدو أية جهود تستحق الذكر لوقف هذا التدهور ولتحقيق التقارب في هذا المجال.
٢ - واقع الوحدة الاقتصادية:
وهي شبه مستحيلة حسب الوضع الحالي، فالتفاوت كبير في المستوى الاقتصادي بين الدول الإسلامية، ولا ترغب حتى الدول المتقاربة اقتصادياً ... - فضلاً عن الدول المتفاوتة اقتصادياً - بتوحيد سياساتها الاقتصادية، وقد بلغت التجارة البينية بين الدول الإسلامية - حسب إحصائيات منظمة المؤتمر الإسلامي - ١٣ % فقط، وإن كانت تسعى هذه المنظمة لرفعها إلى ٢٠ % بحلول نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ولكن كل المؤشرات تشير إلى ازدياد
(١) أقترح إجراء استبيان بين طلاب الجامعات في الفروع المختلفة في كل بلد لمعرفة الاتجاه العام من قضية الوحدة الإسلامية.