للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا ما ذكره ابن عمر - رضي الله عنه - لما طُعِن عَرَضاً في الحرم بسبب حرس الحجاج الذين كانوا موجودين، وعاده الحجاج في مرضه فلما خرج من عنده قال ابن عمر - رضي الله عنه -: «ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث: ظمء الهواجر ومكابدة الليل وألا أكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلت بنا» (١).

وقال النووي: مذهب أهل الحق أن ابن الزبير كان مظلوماً والحجاج ورفقته خارجون عليه (٢) وكان يسمي فترتَه بالإمارة تارة وبالفتنة تارة أخرى (٣).

[أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين]

يعزى فشل ابن الزبير لعوامل عدة منها:

١ - بقاؤه في مكة لا يغادرها إلى البلدان الأخرى لتتبع أمور الخلافة.

٢ - بخله وعدم إنفاقه وخاصة على الجند والأتباع، وبشكل خاص بخله على قادة الجند الذين جاؤوا مع مصعب إليه بعد انتصاره على المختار.

٣ - استقلاله برأيه وعدم مشاورته لأصحابه واكتفاؤه بشجاعته. وكان هذا جلياً بعد وفاة يزيد في رده على الحصين بن نمير لما عرض عليه أن يبايعه، وفي أمره بإخراج بني أمية من المدينة الذي أدى لجمع كلمتهم في دمشق على مروان.

٦ - عدم مشاركة الضحاك بمرج راهط بالرأي والقتال وتركه وحده، فلو كان حاضراً بجنده في مؤتمر الجابية لاختلفت نتيجته.

٧ - عدم إرسال الجيوش لتوحيد الدولة تحت راية واحدة، واستغلال قوته وضعف خصومه، وخاصة بعد موت يزيد، ثم بعد موت مروان وهزيمة جيشه الذي أرسله إلى الحجاز.

٨ - عدم وجود عصبية قوية تدعمه كعصبية بني أمية ومن ورائهم بني كلب ومن معهم من القبائل.

وأما عودة الخلافة للأمويين فكان سببه الرئيس العصبية القوية التي كانت


(١) طبقات ابن سعد: ٤/ ١٨٥، ١٨٧. تاريخ الإسلام للذهبي: ٥/ ٤٦٥ وفسر الفئة الباغية في قول ابن عمر بابن الزبير ومن معه.
(٢) شرح مسلم للنووي: ١٦/ ٩٩ كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها.
(٣) شرح مسلم للنووي: ١١/ ٧٣، ١٢/ ١٩٢. وانظر البدء والتاريخ للمقدسي: ٦/ ٢٥.

<<  <   >  >>