للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به]

ومن يقوم بتنفيذها عند تعدد الخلفاء أو عند فقد الخليفة

واجبات الإمام كثيرة ومسؤوليَّاته عظيمة، فهو مسؤول مسؤولية مباشرة أمام الله تعالى عن كل رعيته، لذا كان عليه أن يتَّخذ كل ما يلزم من إجراءات ليقوم بهذه المسؤوليَّة.

قال محمد بن يزداد وزير المأمون مخاطباً له (١): (بسيط)

من كان حارسَ دنيا إنَّه قَمِنٌ ... أن لا ينام وكلُّ النَّاس نُوَّامُ

وكيف ترْقدُ عينا مَنْ تََضيَّفَه ... هَمَّان مِنْ أَمْرِهِ نقضٌ وإبرامُ

وقد أجمل ابن تيمية هذه الواجبات بقوله: «فالمقصود الواجب بالولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً , ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا , وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم .. فإذا اجتهد الراعي في إصلاح دينهم ودنياهم بحسب الإمكان , كان من أفضل أهل زمانه , وكان من أفضل المجاهدين في سبيل الله» (٢).

وواجبات الإمام تزداد وتتشعَّب مع تقدم المدنيَّة والحضارة الإنسانيَّة وسأشير إلى أهم واجباته، فقد جعلها الماوردي عشر واجبات (٣)، وهو بهذا يشير إلى أهمِّ واجباته حسب زمانه، والتي إن قام بها خيرَ قيام أضفى الشرعيةَ الكاملة على حكمه وإن تقاعس عن بعضها فَقَدَ جُزءاً من شرعيَّته. قال الفرَّاء: «إذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب له عليهم حقَّان: الطَّاعة والنُّصرة».

أمَّا تفصيل الواجبات فهو:

١) تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية: وهو أهم واجب على الإطلاق، ومن أَجْلِهِ كانت طاعتُه واجبةً على الخلائق، وهو يشمل كلَّ الواجبات الأخرى وينوب


(١) مآثر الإنافة للقلقشندي: ١/ ٦٢.
(٢) السياسة الشرعية لابن تيمية: ص ٣٧.
(٣) وإن كان يمكن ضمُّ بعضها تحت واجب واحد، فحماية البيضة وتحصين الثغور وجهاد من عاند الإسلام، يشملُها الجهادُ بأنواعه. انظر الأحكام السلطانية للماوردي: ص ١٩.

<<  <   >  >>