للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الأندلس والمشرق وعدم توفر الإمكانات لهذا المشروع الضخم (١).

رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية: تمثل بأربع نقاط:

١ - تشجيع المواجهة العلمية ضد الفاطميين: فقام الناصر بدعم فقهاء المالكية في الشمال الإفريقي والمغرب، بل وصل إلى فقهاء المالكية في مصر كاتصاله بأبي إسحق محمد بن القاسم المعروف بابن القرطبي المتوفى سنة ٣٥٥ هـ/٩٦٦ م وبعث إليه بعشرة آلاف دينار ليفرقها على علماء المالكية، ولم يغفل الناصر استخدام نفس أسلوب الفاطميين في التجسس فكان له عيون ووسطاء منبثون في جميع أنحاء المغرب، يوافونه بما يهمه من أخبار الدولة الفاطمية في المغرب، وساعدهم في مهمتهم الجاسوسية وجود الجاليات الأندلسية المقيمة في كثير من المدن والثغور المغربية، وأما الحكم المستنصر (٢) فكان يشجع العلماء على الكتابة والتأليف في نسب العلويين، وقد كان الفقهاء السنِّيون عامة والأندلسيون خاصة أكثر الفقهاء معارضة للفاطميين دائماً، إذ يروي ابن الفرضي أن الفقيه القرطبي يحيى بن عمر (ت ٢٨٩ هـ/٩٠١ م) الذي استوطن مدينة القيروان، كان شديد التعصب لمذهب أهل السُّنة، كارهاً للبدع حاملاً عليها، وكان يعتز كل الاعتزاز بولائه لبني أمية، لذا كان فقهاء السُّنة، من الجاليات الأندلسية أكثر الفقهاء في المغرب عرضة للاضطهاد الفاطمي، وكان الصراع المذهبي في أفريقية والمغرب على أشده بين أهل السُّنة والشِّيعة، وقد أصبح الفقهاء يؤلفون الدعامات القوية للحرب ضد الفواطم، ومن بين هؤلاء الفقهاء الفقيه أبو الحسن الخلاَّف الذي قال: إن قتال الفاطميين أفضل من قتال المشركين، وكان يرى في محاربة الفواطم فرضاً وواجباً على كل مسلم، ومنهم ربيع القطان الذي اتخذ عهدا على نفسه بأن لا يشبع من طعام ولا نوم حتى يقطع الله دابر بني عبيد، وقال: كيف لا أخرج لمحاربة الفواطم وقد سمعت الكفر بأذني (٣).


(١) المقتبَس لابن حيان: ورقة ١٢٤، ٣٢٣. البيان المغرب لابن عذاري: ١/ ٢٢٠. العلاقات السياسية للفيلالي: ص ١٥٥ وما بعدها. وقد ذكرت بعض رسائل الناصر إلى أعوانه وحلفائه في المغرب يحثهم على الاستعداد لهذا المشروع الكبير في ملاحق الأطروحة.
(٢) انظر ترجمة الحكم المستنصر في فهرس التراجم رقم (٥٤).
(٣) الحلة السيراء لابن الأبَّار: ١/ ٢٠١ ترجمة الحكم المستنصر. ترتيب المدارك لعياض: ٥/ ٢٧٥. المغرب = = لابن سعيد المغربي: ١/ ١٨٠. رياض النفوس لأبي بكر عبد الله بن أبي عبد الله المالكي: ١/ ٣٩٨. العلاقات السياسية للفيلالي: ص ١٣٥. التشيع في الأندلس لمحمود علي مكي: ص ٣٠. معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان للدباغ: ٣/ ٣٤ - ٣٧.

<<  <   >  >>