للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

بقي أن أذكر أنَّ بعض الآراء قد شذَّت عن الجمهور وقالت بجواز التعدد مطلقاً وهم قلَّة قليلة أذكرها لاستكمال البحث:

- فقد أجاز الجارودية من الزيدية في بعض الروايات تعدد الأئمة في البلد الواحد وفي نفس الوقت، وهو خلاف الإجماع المنعقد من السلف قبل ظهورهم (١).

واحتج هؤلاء بقول الأنصار يوم السقيفة: «منَّا أمير ومنكم أمير» (٢) واحتجوا بأمر علي والحسن مع معاوية - رضي الله عنهم -.

وردَّ ابن حزم على هذا القول بأنَّ قول الأنصار كان خطأً لا صواباً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» (٣).

وأمَّا أمر عليٍّ والحسن ومعاوية - رضي الله عنهم - فقد صحَّ عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه أنذر بخارجة تخرج من طائفتين من أمة، يقتلها أَولى الطائفتين بالحق (٤)، فكان عليٌّ - رضي الله عنه - قاتلَ تلك الطائفة (أي الخوارج).

وأما علي - رضي الله عنه - ومعاوية - رضي الله عنه - فما سلَّم أحدهما للآخر، وكذلك كان الحسن - رضي الله عنه - مع معاوية - رضي الله عنه - إلى أن أسلمَ الأمرَ إليه (٥).

وقد بيَّن القمي حقيقةَ قول الجارودية بجواز التعدد في البلد الواحد بأنهم قصدوا بقولهم هذا دعاةَ الإمام المنتشرين في بقاع الأرض، فهم على هذا لا يقولون بالتعدد (٦).


(١) نصرة مذاهب الزيدية لابن عباد: ص ١١١، ١٥٣. الفرق بين الفرق للبغدادي: ص ٢١١. المواقف للإيجي: ٣/ ٥٩١. شرح المواقف للجرجاني: ٨/ ٣٥٣. الرد للمقدسي: ص ٧٢، وعزا لكل الزيدية وليس للجارودية فقط. وانظر في الرد على دعوى الجارودية: الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص ٢٤٤ وما بعدها.
(٢) سيأتي تخريجه في الحاشية (٢) ص (٢١٢) من هذه الأطروحة.
(٣) سبق تخريجه في الحاشية (٤) ص (٢٠٢) من هذه الأطروحة.
(٤) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: ٣/ ١١٣ كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم (٢٥٠٧) عن أبي سعيد الخدري بلفظ: «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق».
(٥) الفصل في الملل والنحل لابن حزم: ٤/ ٧٣، ٧٤.
(٦) المقالات والفرق للقمي: ص ١٩.

<<  <   >  >>