خاضت الأمة العربية منذ فجر العصر الحديث عدة تجارب من أجل توحيد شعوبها ودولها، أو التقريب بينها وتنسيق سياساتها الداخلية والخارجية، بغية تحقيق الأهداف والمصالح العربية في ميادين السياسة والاقتصاد وشؤون الاجتماع والثقافة.
وكان من الطبيعي أن يكون السعي إلى التحرر من الاستعمار الأجنبي الذي اجتاحت أمواجه الهادرة معظم الأقطار العربية منذ القرن التاسع عشر، على رأس الأهداف التي توختها الدول العربية في محاولاتها الرامية إلى الاتحاد والتكتل، فضلاً عن العمل على رفع مستوى المعيشة للمواطن العربي، وإرساء دعائم التحديث والتنمية في كافة المجالات.
وقد تُوِّجت تلك التجارب وهذه المحاولات بإنشاء الجامعة العربية التي برزت إلى الوجود سنة ١٩٤٥ م بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.
وجامعة الدول العربية منظمة إقليمية تضم الدول العربية، سواء الآسيوية أو الإفريقية، وتبلغ عدة الدول الأعضاء فيها اثنتين وعشرين دولة.
وترجع فكرة إنشاء جامعة الدول العربية إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، حين ظهرت فكرة «القومية العربية» التي حمل لواءها أبناء الشام الذين اشتد ضيقهم بالسيطرة العثمانية، ولا سيما أن العثمانيين كانوا يعتمدون في حكمهم للعالم العربي على فكرة «الرابطة الإسلامية».
وقد دعا إلى القومية العربية - في مقابل الرابطة الإسلامية - طائفة من المفكرين المسيحيين في بلاد الشام، وفي هذا السياق وضع نجيب عازوري كتابه «يقظة العرب» دعا فيه إلى قيام وحدة عربية تؤلف بين المسلمين والمسيحيين جميعاً، في مقابل دعوة السلطان عبد الحميد إلى فكرة الجامعة الإسلامية (١).
بَيْد أن فكرة القومية العربية لم تحقق في تلك الآونة نجاحاً يُذكر لأسباب منها:
(١) الغزوة الاستعمارية للعالم العربي للدكتور عبد العظيم رمضان: ص ٢٣٣، ٢٣٩.