للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكفايات .. ولا خفاء في أن ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية .. ولكن لما شاعت بين الناس في باب الإمامة اعتقادات فاسدة تكاد تفضي إلى رفض كثير من قواعد الإسلام، ونقض عقائد المسلمين، والقدح في الخلفاء الراشدين ألحق المتكلمون هذا الباب بأبواب الكلام» (١).

وقال ابن عابدين في تعريفه للإمامة الكبرى: هي استحقاق عام على الأنام، وتحقيقه في علم الكلام (٢). حيث أحال إلى كتب علم الكلام لمن أراد التفصيل، لأن العادة درجت على دراسة مبحث الإمامة في كتب علم الكلام، مع أنها من الأحكام الشرعية لا من أصول الاعتقاد.

وذكر الشهرستاني أربع قواعد أساسية انقسم الناس - تبعاً لموقفهم منها- إلى مذاهب وملل، فذكر من بينها الإمامة، وجعلها من ضمن القاعدة الرابعة، وهذا يشير إلى أهمية الموقف من الإمامة في تفصيل الفرق وتمييزها عن بعضها (٣).

[٢ - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام]

وهم الإمامية الإثنا عشرية والإسماعيلية؛ قال الإماميةُ: «الإمامة من أصول الدين، لا من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفين، فهي ليست قضيَّة مصلحيَّة تُناط باختيار العامَّة وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي قضيَّة أصوليَّة، وهي ركن الدين لا يجوز للرسول - صلى الله عليه وسلم - إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة وإرساله» (٤)، وهم وإن بحثوها في كتب الفقه فلا تعتبر من الفروع (٥).

وقال الإسماعيلية: «الإمامة هي قطب الدين وأساسه، والتي يدور عليها جميع أمور الدين والدنيا، وصلاح الآخرة والأولى، وينتظم بها أمور العباد وعمارة البلاد، وقبول الجزاء في دار المعاد، وبها يصل إلى معرفة التوحيد


(١) شرح المقاصد للتفتازاني: ٥/ ٢٣٢ - ٢٣٤ الفصل الرابع في الإمامة.
(٢) حاشية ابن عابدين: ١/ ٥٤٧، كتاب الصلاة أول باب الإمامة.
(٣) الملل والنحل للشهرستاني: ١/ ١٥. وانظر ترجمة الشهرستاني في فهرس التراجم: رقم (٦٩).
(٤) الحاشية على إلهيات الشرح الجديد للتجريد للأردبيلي: ص ١٧٨. الألفين للحلي: ص ٤٦. عقائد الإمامية لمظفر: ص ٦٥. الملل والنحل للشهرستاني: ١/ ١٤٦. منهاج السنة النبوية لابن تيمية: ١/ ٤٦ ناقلاً عن منهاج الكرامة للحلي.
(٥) الكافي في الفقه للحلبي: ص ٨٨. تذكرة الفقهاء للحلي: ١/ ٤٥٢.

<<  <   >  >>