للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما]

كان أول كتاب يرسله علي - رضي الله عنه - إلى معاوية - رضي الله عنه - في بداية عهده مع سبرة الجهني وكان فيه (١): «من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنه قد بلغك ما كان من مصاب عثمان - رضي الله عنه - وما اجتمع الناس عليه من بيعتي فادخل في السلام كما دخل الناس، وإلا فَأْذَنْ بحرب كما يؤذن أهل الفرقة، والسلام». فلم يكتب معاوية - رضي الله عنه - بشيء ولم يجبه وردَّ رسولَه، وجعل كلما تنجز جوابه يؤجل الرد ويُعرِّض بعلي ويطلب القصاص حتى إذا كان الشهر الثالث من مقتل عثمان - رضي الله عنه - في صفر، دعا معاوية - رضي الله عنه - برجل من بني عبس، ثم رجل من بني رواحة يدعى قبيصة، فدفع إليه طوماراً (٢) مختوماً عنوانه: من معاوية إلى علي. وقال: إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار ثم أوصاه بما يقول وخرجا فقدما المدينة في ربيع الأول لغرته فلما دخلا المدينة رفع العبسي الطومار كما أمره، وخرج الناس ينظرون إليه، فتفرقوا إلى منازلهم وقد علموا أنَّ معاوية - رضي الله عنه - معترض، ومضى حتى دخل على علي - رضي الله عنه - فدفع إليه الطومار ففضَّ خاتمه فلم يجد في جوفه كتابة!! فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: آمنٌ أنا؟ قال: نعم إن الرسل آمنة لا تقتل. قال: ورائي أني تركت قوماً لا يرضون إلا بالقود. قال: ممن؟ قال: من خيط نفسك، وتركت ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان - رضي الله عنه -، وهو منصوب لهم قد ألبسوه منبر دمشق. فقال: مني يطلبون دم عثمان! ألست موتوراً كَتِرَةِ عثمان، اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، نجا والله قتلة عثمان - رضي الله عنه - إلا أن يشاء الله، فإنَّه إذا أراد أمراً


(١) كما في تاريخ الطبري: ٣/ ٤. والفتنة ووقعة الجمل للأسدي: ١/ ١٠٢. والكامل في التاريخ للشيباني: ٣/ ٩٤. والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي: ٥/ ٧٧. البداية والنهاية لابن كثير: ٧/ ٢٥٦.
(٢) الطُّومَارُ: واحدُ المَطَامِير. قال ابن سيده: الطامُورُ والطُّومارُ الصحيفةُ، قيل: هو دَخِيل، وأُراه عربيّاً محضاً لأَن سيبويه قد اعتدّ به في الأَبنية فقال: هو ملحق بِفُسْطاط. لسان العرب لابن منظور: ٤/ ٥٠٣ مادة (طمر).

<<  <   >  >>