رسالة من الناصر لدين الله إلى حليفه وصفيه محمد بن خزر زعيم زناتة يطلعه فيها عن عزمه لاسترداد ملك أجداده في المشرق ويأمره بالتأهب واستنفار القبائل لذلك، جاء فيها ما يلي:
(وإن أمير المؤمنين لما تفرغ باله، وانقضت بالأندلس أشغاله، واكتملت له في أعدائه آماله، ولم يبق عليه فيها بقية يعانيها، ولا مجال يستعمل رجاله فيها، صرف عزيمته وأمال همته إلى ما بين يديه من أسباب المشرق وطلب ما لم يزل لأوله حقاً وله ميراثاً، مع ما ينويه ويرجو أن يجزي الله أكرومته على يديه من إحياء الدين بنظره، وإماتة البدع وتقويم منهاجه وحماية بيت الله الحرام المنتكثة حرمته المعظمة، المسلوب ركنه، المغلوب أهله المبطلة مناسكه ومشاعره، وأن يجعل الله لأمير المؤمنين حاضراً له يطلب الجاني عليه بجنايته فيه .. وعلى الله يتوكل أمير المؤمنين في جميع ما نواه وبه يرجو إدراك ما رجاه إن شاء الله، وقد أمر أمير المؤمنين بالتأهب والاستعداد بالرجال والأجناد، وانتفاء الرماة وتضعيف العدد وتكثير العدة وتجديد الآلات، وتكميل الأدوات والنظر في .... الحشود بالجنود لميقات معلوم ووقت معدود، وأن يستكثر من جمع المراكب إلى ما قد قام منها، ويتوسع في عددها ... وكن على انتظار ما يوافيك من أمير المؤمنين لتكون صدر القوات كما أنت صدر أولي الوداد، ومتقدما للرجال كما أنت في صدر العال، فإن أمير المؤمنين يرجو الله عونه وعليه توكله أن يكون قد قرب الوقت الذي قد رجوت الفوز به والإدراك له وبلوغ الأمل منه إن شاء الله عز وجل).
(١) قطعة من كتاب المقتبس في أخبار رجال الأندلس، مصور ميكروفيلم بمعهد المخطوطات جامعة الدول العربية بالقاهرة تحت رقم ٢٠٨ لابن حيان القرطبي: ورقة ١٢٢ - ١٢٥. تاريخ أفريقية والمغرب للرقيق القيرواني. انظر: العلاقات السياسية للفيلالي: ص ٢٨٥ وما بعدها.